للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوسُفَ وَبِنْيَامِينَ. وَعَاشَ إِسْحَاقُ مِائَةً وَسِتِّينَ سَنَةً , وَتُوُفِّيَ بِفَلَسْطِينَ وَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ.

إِخْوَانِي: تَأَمَّلُوا عَوَاقِبَ الصَّبْرِ , وَتَخَايَلُوا فِي الْبَلاءِ نُورَ الأَجْرِ , فَمَنْ تَصَوَّرَ زَوَالَ الْمِحَنِ وَبَقَاءَ الثَّنَاءِ هَانَ الابْتِلاءُ عَلَيْهِ , وَمَنْ تَفَكَّرَ فِي زَوَالِ اللَّذَّاتِ وَبَقَاءِ الْعَارِ هَانَ تَرْكُهَا عِنْدَهُ , وَمَا يُلاحِظُ الْعَوَاقِبَ إِلا بَصَرٌ ثَاقِبٌ.

الْكَلامُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ

(فِرَاكَ مِنَ الأَيَّامِ نَابٌ وَمِخْلَبٌ ... وَخَانَكَ لَوْنُ الرَّأْسِ وَالرَّأْسُ أَشْيَبُ)

(فَحَتَّامَ لا تَنْفَكُّ جَامِحَ هِمَّةٍ ... بَعِيدَ مَرَامِي النَّفْسِ وَالْمَوْتُ أَقْرَبُ)

(تُسَرُّ بِعَيْشٍ أَنْتَ فِيهِ مُنَغَّصٌ ... وَتَسْتَعْذِبُ الدُّنْيَا وأنت معذب)

(تغذيك والأوقات جسمك تغتدي ... وَتَسْقِيكَ وَالسَّاعَاتُ رُوحَكَ تَشْرَبُ)

(وَتَعْجَبُ مِنْ آفَاتِهَا مُتَلَفِّتًا ... إِلَيْهَا، لَعَمْرُ اللَّهِ فِعْلُكَ أَعْجَبُ)

(وَتَحْسَبُهَا بِالْبِشْرِ تُبْطِنُ خَلَّةً ... فَيَظْهَرُ مِنْهَا غَيْرُ مَا تتحسب)

(إذا رضيت أعمتك عن طُرُقِ الْهُدَى ... فَمَا ظَنُّ ذِي لُبٍّ بِهَا حِينَ تَغْضَبُ)

(وَفِي سَلْبِهَا ثَوْبَ الشَّبَابِ دَلالَةٌ ... عَلَى أَنَّهَا تُعْطِي خِدَاعًا وَتَسْلُبُ)

(أَتَرْضَى بِأَنْ يَنْهَاكَ شَيْبُكَ وَالْحِجَا ... وَأَنْتَ مَعَ الأَيَّامِ تَلْهُو وَتَلْعَبُ)

(أَجِدُكَ لا تَسْمَعُ لِدُنْيَاكَ مَوْعِدًا ... وَلا تَتَرَجَّ الرِّيَّ وَالْبَرْقُ خُلَّبُ)

(وَدُونَكَ دِرْيَاقُ التَّرَجِّي مِنَ الْوَرَى ... فَكُلٌّ عَلَى التَّجْرِيبِ صِلٌّ وَعَقْرَبُ)

إِخْوَانِي: الأَيَّامُ لَكُمْ مَطَايَا , فَأَيْنَ الْعُدَّةُ قَبْلَ الْمَنَايَا , أَيْنَ الأَنَفَةُ مِنْ دَارِ الأَذَايَا , أَيْنَ الْعَزَائِمُ؟ أَتَرْضَوْنَ الدَّنَايَا , إِنَّ بَلِيَّةَ الْهَوَى لا تُشْبِهُ الْبَلايَا , وَإِنَّ خَطِيئَةَ الإِصْرَارِ لا كَالْخَطَايَا , وَسَرِيَّةَ الْمَوْتِ لا تُشْبِهُ السَّرَايَا , وَقَضِيَّةَ الأَيَّامِ لا كَالْقَضَايَا , رَاعِي السَّلامَةِ يَقْتُلُ الرَّعَايَا [رَامِي التَّلَفِ يُصْمِي الرَّمَايَا] , مَلَكُ الْمَوْتِ لا يَقْبَلُ الْهَدَايَا , يَا مَسْتُورِينَ سَتَظْهَرُ الْخَبَايَا.

اسْتَغْفِرُوا [اللَّهَ] خَجَلا مِنَ الْعَثَرَاتِ , ثُمَّ اسْكُبُوا حُزْنًا لَهَا الْعَبَرَاتِ , عَجَبًا لِمُؤْثِرِ الْفَانِيَةِ عَلَى الْبَاقِيَةِ , وَلِبَائِعِ الْبَحْرِ الْخِضَمِّ بِسَاقِيَةٍ , وَلِمُخْتَارِ دَارِ الْكَدَرِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>