للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ؛ ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا. فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ فَيَرَوْنَهُ كَأَشَدِّ مَا كَانَ , حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وأردا اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ؛ [حَفَرُوا] حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي تَرَكُوهُ فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ فَيُنَشِّفُونَ الْمِيَاهَ وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ , فَيَرْمُونَ بِسِهَامٍ إِلَى السَّمَاءِ , فَتَرْجِعُ وَعَلَيْهَا كَهَيْئَةِ الدَّمِ فَيَقُولُونَ. قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ , فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ

إِنَّ دَوَابَّ الأَرْضِ لَتَسْمَنُ [وَتَشْكُرُ] مِنْ لُحُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ.

ثُمَّ إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ لَمَّا عَادَ بَلَغَ بَابِلَ , فَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَكَتَبَ إِلَى أُمِّهِ يُعَزِّيهَا عَنْ نَفْسِهِ , وَكَانَ فِي كِتَابِهِ , اصْنَعِي طَعَامًا وَاجْمَعِي مَنْ قَدَرْتِ عَلَيْهِ مِنْ أَبْنَاءِ الْمَمْلَكَةِ , وَلا يَأْكُلْ مِنْ طَعَامِكَ مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ. فَفَعَلَتْ فَلَمْ يَأْكُلْ أَحَدٌ , فَعَلِمَتْ مَا أَرَادَ.

فَلَمَّا وَصَلَ تَابُوتُهُ إِلَيْهَا قَالَتْ: يَا ذَا الَّذِي بَلَغَتِ السَّمَاءَ حكمته وجاز أقطار الأرض ملكه , مالك الْيَوْمَ نَائِمٌ لا تَسْتَيْقِظُ , وَسَاكِتٌ لا تَتَكَلَّمُ , مَنْ يُبْلِغُكَ عَنِّي أَنَّكَ وَعَظْتَنِي فَاتَّعَظْتُ وَعَزَّيْتَنِي فَتَعَزَّيْتُ , فَعَلَيْكَ السَّلامُ حَيًّا وَمَيِّتًا!

الْكَلامُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ

(أَتُنْكِرُ أَمْرَ الْمَوْتِ أَمْ أَنْتَ عَارِفٌ ... بِمَنْزِلَةٍ تَفْنَى وَفِيهَا الْمَتَالِفُ)

(كَأَنَّكَ قَدْ غُيِّبْتَ فِي اللَّحْدِ وَالثَّرَى ... كَمَا لَقِيَ الْمَوْتَ الْقُرُونُ السَّوَالِفُ)

(أَرَى الْمَوْتَ قَدْ أَفْنَى الْقُرُونَ الَّتِي مَضَتْ ... فَلَمْ يَبْقَ مَأْلُوفٌ وَلَمْ يَبْقَ آلِفُ)

(كَأَنَّ الْفَتَى لَمْ يَصْحَبِ النَّاسَ لَيْلَةً ... إِذَا عُصِّبَتْ يَوْمًا عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ)

(وَقَامَتْ عَلَيْهِ عُصْبَةٌ يَدْفِنُونَهُ ... فَمُسْتَذْكِرٌ يَبْكِي حَزِينًا وَهَاتِفُ)

(وَغُيِّبَ فِي لَحْدٍ كَرِيهٍ فِنَاؤُهُ ... وَنُضِّدَ مِنْ لَبِنٍ عَلَيْهِ السَّقَائِفُ)

(وَمَا صَاحِبُ الْبَحْرِ الْقَطِيعِ مَكَانَهُ ... إِذَا هَاجَ آذَى مَنْ عَلَيْهِ وَقَاصِفُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>