للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس التاسع

فِي ذِكْرِ إِسْحَاقَ وَقِصَّةِ الذَّبْحِ

الْحَمْدُ للَّهِ الذي أنشأ وبنا , وخلق الماء والثرى , وأبدع كل شيء ذرا , لا يَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ دَبِيبُ النَّمْلِ فِي اللَّيْلِ إِذَا سَرَى , وَلا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مَا عَنَّ وَمَا طَرَا , اصْطَفَى آدَمَ ثُمَّ عَفَا عَمَّا جَرَى , وَابْتَعَثَ نُوحًا فَبَنَى الْفُلْكَ وَسَرَى , وَنَجَّى الْخَلِيلَ مِنَ النَّارِ فَصَارَ حَرُّهَا ثَرَى , ثُمَّ ابْتَلاهُ بِذَبْحِ الْوَلَدِ فَأَدْهَشَ بَصَبْرِهِ الْوَرَى {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أني أذبحك فانظر ماذا ترى} .

أَحْمَدُهُ مَا قُطِعَ نَهَارٌ بِسَيْرٍ وَلَيْلٌ بِسُرَى , وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الْمَبْعُوثِ فِي أُمِّ الْقُرَى , وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ صَاحِبِهِ فِي الدَّارِ وَالْغَارِ بِلا مِرَا , وَعَلَى عُمَرَ الْمُحَدَّثِ عَنْ سِرِّهِ فَهُوَ بِنُورِ اللَّهِ يَرَى , وَعَلَى عُثْمَانَ زَوْجِ ابْنَتِهِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى , وَعَلَى عَلِيٍّ بَحْرِ الْعُلُومِ وَأَسَدِ الشَّرَى , وَعَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ الرَّفِيعِ الْقَدْرِ الشَّامِخِ الذُّرَى.

قَالَ اللَّهُ: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا ترى} .

الْمُرَادُ بِالسَّعْيِ: مَشْيُهُ مَعَهُ وَتَصَرُّفُهُ , وَكَانَ حِينَئِذٍ ابْنَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً , وَهَذَا الزَّمَانُ أَحَبُّ ما يكون الولد إلى والده , لأَنَّهُ وَقْتٌ يَسْتَغْنِي فِيهِ عَنْ مَشَقَّةِ الْحَضَانَةِ وَالتَّرْبِيَةِ , وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ وَقْتَ الأَذَى وَالْعُقُوقِ , فَكَانَتِ الْبَلْوَى أَشَدَّ.

وَلِلْعُلَمَاءِ فِي الذَّبِيحِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ. قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ , وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ المسيب وَالشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَيُوسُفُ بْنُ مِهْرَانَ وَالْقُرَظِيُّ , فِي آخرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>