للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لا تُخْدَعَنَّ بِمُنْيَةٍ ... أُمُّ الْخُلُودِ عَقِيمُ)

(وَإِذَا الْمَنِيَّةُ أَبْرَقَتْ ... فَرَجَاؤُكَ الْمَهْزُومُ)

(عِشْقُ الْبَقَاءِ وَإِنَّمَا ... طُولُ الْحَيَاةِ هُمُومُ)

مَا هَذِهِ الْخِصَالُ الْمَذْمُومَةُ، أَيُؤْثِرُ الْفَهُومُ لَذَّةً مَسْمُومَةً، إِنَّ هَذِهِ لَعُقُولٌ مَرْجُومَةٌ، مَتَى تَيَقَّظٌ هَذِهِ النُّفُوسُ الْمَلُومَةُ، إِنَّهَا لَظَالِمَةٌ وَكَأَنَّهَا مَظْلُومَةٌ، تَعَاهَدُوا وَالْعُهُودُ كُلَّ يَوْمٍ مَهْدُومَةٌ، لَتَتَمَنَّيَنَّ أَنْ تَكُونَ فِي غَدٍ مَعْدُومَةٍ، لَتَعْلَمَنَّ أَنَّ اخْتِيَارَاتِهَا كَانَتْ مَشْئُومَةً، مَنْ لَهَا إِذَا بَدَتْ لَهَا خِصَالٌ مَكْتُومَةٌ، كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا نُشِرَتِ الصُّحُفُ مَخْتُومَةً، مَا هَذَا الْحِرْصُ الشَّدِيدُ وَالأَرْزَاقُ مَقْسُومَةٌ، تُصْبِحُ حَزِينَةً وَتُمْسِي مَهْمُومَةً، أَتَقْدِرُ عَلَى رَدِّ مَا يُقَدَّرُ وَالأُمُورُ مَخْتُومَةٌ، أسفا لها الموت يطلبها وهو مؤومة، مَا حَارَبَتْ جُنْدَ هُوًى إِلا وَعَادَتْ مَهْزُومَةً، يَا لَهَا مَوْعِظَةٍ بَيْنَ الْمَوَاعِظِ كَالأَيَّامِ الْمَعْلُومَةِ أحسن من اللآلىء الْمَنْثُورَةِ. وَالْعُقُودِ الْمَنْظُومَةِ

الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عنها مبعدون} سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ: {إِنَّكُمْ وَمَا تعبدون من دون الله حصب جهنم} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَقَالُوا: شَتَمَ آلِهَتَنَا فجاء ابن الزبعرى فقال: مالكم؟ قَالُوا: شَتَمَ آلِهَتَنَا قَالَ: وَمَا قَالَ؟ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: ادْعُوهُ لِي. فَلَمَّا دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا شَيْءٌ لآلِهَتِنَا خَاصَّةً أَوْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ ابْنُ الزَّبْعَرَى: خُصِمْتَ وَرَبِّ هَذِهِ الْبِنْيَةِ! أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ الْمَلائِكَةَ عِبَادٌ صَالِحُونَ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدٌ صَالِحٌ، وَأَنَّ عُزَيْرًا عَبْدٌ صَالِحٌ؟ فَهَذِهِ بَنُو مُلَيْحٍ يَعْبُدُونَ الْمَلائِكَةَ، وَهَذِهِ النَّصَارَى تَعْبُدُ عِيسَى، وَهَذِهِ الْيَهُودُ تَعْبُدُ عُزَيْرًا، فَضَجَّ أَهْلُ مَكَّةَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. قَالَهُ ابْنُ عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>