للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَنْ لِنَفْسٍ أَبَتْ نَاصِحًا إِذْ صَبَتْ ... كَمْ جَدِيدٍ مِنْ صِبًا فِي جَدِيدٍ أَبْلَتْ)

(وَأَطَاعَتْ مَنْ هَوَى فَهَوَتْ إِذْ هَفَتْ ... عَدِمَتْ يَقَظَتْهَا فِيهِ حَتَّى قَضَتْ)

(وَيْكَ يَا نَفْسُ أَلا حَذَرٌ مِنْ غَفْلَةْ ... إِنَّمَا الدُّنْيَا أَسَى كَمْ دُمُوعٍ أَذْرَتْ)

(إِنْ بَنَتْ مَا شَيَّدَتْ هَدَمَتْ ما بنت ... أوحبت سَائِلَهَا رَجَعَتْ فِي الْهِبَةْ)

(أَوْ صَفَتْ عِنْدَ فَتًى كَدَّرَتْ مَا أَصْفَتْ ... كَمْ صَرِيعٍ نَقَلَتْ إِذْ قَلَتْ فِي قُلَّةْ)

(كَمْ غَبِيٍّ غَافِلٍ أَسْمَعَتْ إِذْ نَعَتْ ... غَادَرَتْهُ جُثَّةً لِرُفَاتِ عِلَّةْ)

(لَمْ يَكُنْ يَنْفَعُهُ كُلُّ عَيْنٍ بَكَتْ ... آهٍ يَوْمًا حَسْرَةً لأُمُورٍ جَرَتْ)

الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تعالى

{كلا إذا بلغت التراقي} كَلا رَدْعٌ وَزَجْرٌ. وَالْمَعْنَى: ارْتَدِعُوا عَنْ مَا يؤدي إلى العذاب {إذا بلغت} يَعْنِي النَّفْسَ. وَهَذِهِ كِنَايَةٌ عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ. وَالتَّرَاقِي: الْعِظَامُ الْمُكْتَنِفَةُ لِثَغْرَةِ النَّحْرِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ , وَوَاحِدُ التَّرَاقِي تَرْقُوَةٌ. وَيُكَنَّى بِبُلُوغِ النَّفْسِ إِلَى التَّرَاقِي عَنِ الإِشْفَاءِ عَلَى الْمَوْتِ. {وَقِيلَ من راق} فِيهِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَوْلُ الْمَلائِكَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ: مَنْ يَرْقِي رُوحَهُ؟ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ أَوْ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِهِ: مَنْ يَرْقِيهِ بِالرُّقَى. وَالْقَوْلانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قوله تعالى: {وظن} أَيْ أَيْقَنَ الَّذِي بَلَغَتْ رُوحُهُ إِلَى التَّرَاقِي {أنه الفراق} للدنيا. {والتفت الساق بالساق} فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَمْرُ الدُّنْيَا بِأَمْرِ الآخِرَةِ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: اجْتَمَعَ فِيهِ الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ. قَالَهُ الْحَسَنُ. وَالثَّالِثُ: الْتَفَّتْ سَاقَاهُ عِنْدَ الْمَوْتِ. قَالَهُ الشَّعْبِيُّ. وَالرَّابِعُ: الْتَفَّتْ سَاقَاهُ فِي الْكَفَنِ. قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>