للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخَامِسُ: الْتَفَّتِ الشِّدَّةُ بِالشِّدَّةِ. قَالَهُ قَتَادَةُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: آخِرُ شِدَّةِ الدُّنْيَا بِأَوَّلِ شِدَّةِ الآخِرَةِ.

يَا لَهَا مِنْ سَاعَةٍ لا تُشْبِهُهَا سَاعَةٌ , يَنْدَمُ فِيهَا أَهْلُ التُّقَى فَكَيْفَ أَهْلُ الإِضَاعَةِ , يَجْتَمِعُ فِيهَا شِدَّةُ الْمَوْتِ إِلَى حَسْرَةِ الْفَوْتِ.

لَمَّا احْتُضِرَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَتْ عَائِشَةُ:

(لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ)

فَقَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ قُولِي: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تحيد} وَلِذَلِكَ كَانَ يَقُولُهَا أَبُو بَكْرٍ.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ الْمَوْتِ: وَيْلِي وَوَيْلُ أُمِّي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي! وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَ يَتَمَثَّلُ:

(أَرَى الْمَوْتَ لا يُبْقِي حَزِينًا وَلا يَدَعُ ... لِعَادٍ مِلاكًا فِي الْبِلادِ وَمُرْتَقى)

(يَبِيتُ أَهْلُ الْحِصْنِ وَالْحِصْنُ مُغْلَقٌ ... وَيَأْتِي الْجِبَالَ مِنْ شَمَارِيخِهَا العُلَى)

وَلَمَّا جُرِحَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَ يَقُولُ:

(شُدَّ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ ... فَإِنَّ الْمَوْتَ لاقِيكَ)

(وَلا تجرع مِنَ الْمَوْتِ ... إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَ)

وَلمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ جَعَلَ يَقُولُ:

(إِنْ تُنَاقِشْ يَكُنْ نِقَاشُكَ يَا رَبِّ ... عَذَابًا لا طَوْقَ لِي بِالْعَذَابِ)

(أَوْ تَجَاوَزْ فَأَنْتَ رَبُّ عَفْوٍ ... عَنْ مُسِيءٍ ذُنُوبُهُ كَالتُّرَابِ)

وَلَمَّا احْتُضِرَ مُعَاذٌ جَعَلَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ لَيْلَةٍ صَبَاحُهَا النَّارُ , مَرْحَبًا بِالْمَوْتِ مَرْحَبًا زَائِرٌ مُغِبٌّ حَبِيبٌ جَاءَ عَلَى فاقة , اللهم إني قد كُنْتُ أَخَافُكَ وَأَنَا الْيَوْمَ أَرْجُوكَ , اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ الدُّنْيَا وَطُولَ الْبَقَاءِ فِيهَا لِكِرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>