للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس الرابع

فِي ذِكْرِ نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ

الْحَمْدُ لله تُسَبِّحُهُ الْبِحَارُ الطَّوَافِحُ , وَالسُّحُبُ السَّوَافِحُ , وَالأَبْصَارُ اللَّوَامِحُ , وَالأَفْكَارُ وَالْقَرَائِحُ , الْعَزِيزِ فِي سُلْطَانِهِ , الْكَرِيمِ فِي امْتِنَانِهِ , سَاتِرِ الْمُذْنِبِ فِي عِصْيَانِهِ , رَازِقِ الصَّالِحِ وَالطَّالِحِ , تَقَدَّسَ عَنْ مِثْلٍ وَشَبِيهٍ , وَتَنَزَّهَ عَنْ نَقْصٍ يَعْتَرِيهِ , يَعْلَمُ خَافِيَةَ الصَّدْرِ وَمَا فِيهِ مِنْ سِرٍّ أَضْمَرَتْهُ الْجَوَانِحُ , لا يَشْغَلُهُ شَاغِلٌ وَلا يُبْرِمُهُ سَائِلٌ وَلا يُنْقِصُهُ نَائِلٌ , تَعَالَى عن الند المماثل والضد المكادح , يسمع تَغْرِيدَ الْوَرْقَاءِ عَلَى الْغُصْنِ , وَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ , وَيَتَكَلَّمُ فَكَلامُهُ مَكْتُوبٌ فِي اللَّوْحِ مَسْمُوعٌ بِالأُذُنِ بِغَيْرِ آلاتٍ وَلا أَدَوَاتٍ وَلا جَوَارِحَ. أَنْزَلَ الْقَطْرَ بِقُدْرَتِهِ وَصَبَغَ لَوْنَ النَّبَاتِ بِحِكْمَتِهِ , وَخَالَفَ بَيْنَ الطُّعُومِ بِمَشِيئَتِهِ , وَأَرْسَلَ الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ. مَوْصُوفٌ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ , يُرَى فِي الْجَنَّةِ كَمَا يُرَى الْقَمَرُ , مَنْ شَبَّهَهُ أَوْ كَيَّفَهُ فَقَدْ كَفَرَ. هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالأَثَرِ , وَدَلِيلُهُمْ جَلِيٌّ وَاضِحٌ. يُنَجِّي مَنْ شَاءَ كَمَا شَاءَ وَيُهْلِكُ , فَهُوَ الْمُسَلِّمُ لِلْمُسَلَّمِ وَالْمُسَلِّمُ لِلْمُهْلَكِ , لَمْ يَنْتَفِعْ كَنْعَانُ بِالنَّسَبِ يَوْمَ الْغَرَقِ لأَنَّهُ مُشْرِكٌ , " قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالح ".

أَحْمَدُهُ عَلَى تَسْهِيلِ الْمَصَالِحِ , وَأَشْكُرُهُ عَلَى سَتْرِ الْقَبَائِحِ , وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلِ غَادٍ وَخَيْرِ رَائِحٍ , وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ ذِي الْفَضْلِ الرَّاجِحِ , وَعَلَى عُمَرَ الْعَادِلِ فَلَمْ يُرَاقِبْ وَلَمْ يُسَامِحْ , وَعَلَى عُثْمَانَ الَّذِي بَايَعَ عَنْهُ الرسول فيالها صَفْقَةَ رَابِحٍ , وَعَلَى عَلِيٍّ الْبَحْرِ الْخِضَمِّ الطَّافِحِ , وَعَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ الَّذِي أَخَذَ الْبَيْعَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>