للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى

{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مخلدون} الولدان: الغلمان. وفي المراد بقوله {مخلدون} قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنَ الْخُلْدِ , وَالْمَعْنَى. أَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ لِلْبَقَاءِ لا يَتَغَيَّرُونَ , وَهُمْ عَلَى سِنٍّ وَاحِدٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمُ الْمُقَرَّطُونَ وَيُقَالُ الْمُسَوَّرُونَ.

سَجْعٌ

هَذِهِ صِفَاتُ أَقْوَامٍ كَانُوا فِي مَرَاضِينَا يَجْتَهِدُونَ , ولأعدائنا بصدق ولائنا يجاهدون , وفي جادة الجد وَالاجْتِهَادِ يَجِدُّونَ , وَبَيْنَ الْخَوْفِ مِنَّا وَالطَّمَعِ فِينَا يترددون , فهم عند شقاء العصاة بالخلاف يَسْعَدُونَ , وَفِي جِنَانِ الْخُلُودِ عَلَى حِيَاضِ السُّعُودِ يردون {يطوف عليهم ولدان مخلدون} .

وَضَحَتْ لَهُمْ مَحَجَّةُ النَّجَاةِ فَسَارُوا , وَلاحَتْ لَهُمْ أَنْوَارُ الْهُدَى فَاسْتَنَارُوا , وَعَرَفُوا دَارَ الْكَرِيمِ فَطَافُوا حَوْلَهَا وَدَارُوا , وَصَانُوا مَطْلُوبَهُمْ عَنِ الأَغْيَارِ وَغَارُوا , وَلَمْ يَرْضَوْا فِي حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ بِالدُّونِ {يطوف عليهم ولدان مخلدون} .

أَعْدَدْنَا لَهُمُ الْقُصُورَ وَالأَرَائِكَ , وَأَخْدَمْنَاهُمُ الْوِلْدَانَ وَالْمَلائِكَ وأبحناهم الجنان والممالك , وسلم عليهم في قصور الْمَالِكُ , وَإِنَّمَا وَهَبْنَا لَهُمْ جَمِيعَ ذَلِكَ لأَنَّهُمْ كَانُوا فِي خِدْمَتِنَا يَجْتَهِدُونَ {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مخلدون} .

اسْتَنَارَتْ بِالتَّحْقِيقِ طَرِيقُهُمْ , وَتَمَّ إِسْعَادُهُمْ وَتَوْفِيقُهُمْ , وَتَحَقَّقَ بِالْجِدِّ وَالاجْتِهَادِ تَحْقِيقُهُمْ , وَسَارُوا صَادِقِينَ فَوَضَحَتْ طَرِيقُهُمْ , وَشَرُفَ بِهِمْ مُصَاحِبُهُمْ وَرَفِيقُهُمْ , لأَنَّهُمْ أَخْلَصُوا فِي طَلَبِ مَا يَقْصِدُونَ {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} .

يَا مَنْ سَبَقُوهُ إِلَى الْخَيْرَاتِ وَتَخَلَّفَ , وَأَذْهَبَ عُمْرَهُ فِي الْبَطَالَةِ وَتَسَوَّفَ ,

<<  <  ج: ص:  >  >>