وَطُولِ الْغَفْلَةِ ثُمَّ رَاجَعَ بِتَوْبَةٍ، فَهَذَا صَاحِبُ يَمِينٍ. وَرَجُلٌ ابْتَكَرَ الشَّرَّ فِي حَدَاثَةِ سِنِّهِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا فَهَذَا صَاحِبُ شِمَالٍ.
إِخْوَانِي: الْمَعَاصِي تُنَكِّسُ الرَّأْسَ وَمَا مُخَلِّطٌ كَمَنْ كَاسَ، وَلا بَانٍ عَلَى رَمْلٍ كَمُحْكِمِ الأَسَاسِ، إِنَّ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ الطَّهَارَةِ وَالأَنْجَاسِ، وَعَلَى وَجْهِ الطَّائِعِ نُورُ طَاعَتِهِ وَعَلَى وَجْهِ الْعَاصِي ظَلامُ مُخَالَفَتِهِ، وَعِنْدَ الْمَوْتِ يَتَلَقَّى هَذَا بِالْبِشَارَةِ وَيَقَعُ هَذَا فِي الْخَسَارَةِ، وَفِي الْقَبْرِ يَفْتَرِشُ هَذَا مِهَادَ الْفَلاحِ ويلقى ذاك على حسك القباج، وَعِنْدَ الْحَشْرِ هَذَا يَرْكَبُ وَذَاكَ يُسَحْبُ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْعُصَاةِ: هَلا ذَكَرْتُمْ وَلِلطَّائِعِينَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بما صبرتم. كَمْ بَيْنَ خَجِلٍ يَذِلُّ وَبَيْنَ طَائِعٍ يَدِلُّ. إِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ وَالذُّنُوبَ، احَذْرُوا عَوَاقِبَ الْعُيُوبِ، لَقَدْ وَرَّطَتِ الذُّنُوبُ أَرْبَابَهَا أَيَّ إِيرَاطٍ، وَأَسْعَطَتْ أَصْحَابَهَا أَيَّ إِسْعَاطٍ، وَأَبْعَدَتْهُمْ عَنْ أَغْرَاضِهِمْ أَشْوَاطًا بَعْدَ أَشْوَاطٍ، وَضَرَبَتْ عَلَيْهِمْ سُرَادِقًا مِنَ النَّدَمِ بَعْدَ فُسْطَاطٍ، هَذَا جَنَى
الْجِنَايَةِ فَأَيْنَ التَّقِيُّ الْمُحْتَاطُ. تَنَبَّهُوا لِهَذَا يَا أَصْحَابِ اللَّمَمِ الشماط، تَيَقَّظُوا فَهَذا الْمَوْتُ بِكُمْ قَدْ أَحَاطَ، إِيَّاكُمْ وَالزَّلَلَ فَكَمْ مِنْ دَمٍ قَدْ أَشَاطَ، آذَيْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِالذُّنُوبِ فَمَهْلا كَمْ إِفْرَاطٍ، هَذَا الْعَدُوُّ مُرَاصِدٌ فَعَلَيْكُمْ بِالرِّبَاطِ، هَذَا الْفُتُورُ وَإِنَّمَا مَهْرُ الْجِدِّ النَّشَاطُ، سَارَ الصَّالِحُونَ وَقَدْ سَلَكْتُمْ غَيْرَ الصِّرَاطِ، مَا الَّذِي شَغَلَكُمْ عَنْ أَهْلِ الْمَحَبَّةِ؟ جَمْعُ الْحَبَّةِ وَالْقِيرَاطِ، كَانُوا يَصُومُونَ وَأَنْتُمْ مُفْطِرُونَ، وَيَقُومُونَ وَأَنْتُمْ نَائِمُونَ، وَيَبْكُونَ خَوْفًا وَأَنْتُمْ تَضْحَكُونَ.
رُوِيَ عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مُنَادِيًا يُنَادِي مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ: أَيْنَ الْعَابِدُونَ. فَيَقُومُ نَاسٌ فَيُصَلُّونَ ثُمَّ يُنَادِي فِي وَسَطِ اللَّيْلِ: أَيْنَ الْفَائِزُونَ فَيَقُومُ نَاسٌ فَيُصَلُّونَ. ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّحَرِ: أَيْنَ الْمُسْتَغْفِرُونَ؟ فَيَقُومُ نَاسٌ فَيُصَلُّونَ. فَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ: أَيْنَ الْغَافِلُونَ.
يَا مَنْ إِذَا صَلَّى خَفَّفَ وَإِذَا كَالَ طَفَّفَ، وَإِذَا دُعِيَ تَخَلَّفَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ تُبْ سَوْفَ، مَا يُؤْثَرُ عِنْدَهُ قَوْلُ مَنْ حَذَّرَ وَخَوَّفَ، ثُمَّ يَطْمَعُ فِي لِحَاقِ الصَّالِحِينَ فَمَا أَنْصَفَ، جَدَّ الْقَوْمُ وَأَنْتَ قَاعِدٌ، وَقَرَّبُوا وَأَنْتَ مُتَبَاعِدٌ، كَمْ بَيْنَ رَاغِبٍ وَزَاهِدٍ، كَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute