إِلا عُتُوًّا. فَدَعَا اللَّهَ أَنْ يَنْصُرَهُ عَلَيْهِمْ , فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَأَقْبَلُوا مُشَاةً فِي صُورَةِ رِجَالٍ شَبَابٍ , فَنَزَلُوا عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَقَامَ يَخْدِمُهُمْ , وَقَدَّمَ إِلَيْهِمُ الطَّعَامَ فلم يأكلوا , فقالوا: لا نأكل طعاماً إلى بِثَمَنِهِ. قَالَ: فَإِنَّ لَهُ ثَمَنًا. قَالُوا: مَا هُوَ؟ قَالَ: تَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى
عَلَى أَوَّلِهِ وَتَحْمَدُونَهُ عَلَى آخِرِهِ. فَنَظَرَ جِبْرِيلُ إِلَى مِيكَائِيلَ وَقَالَ: حَقٌّ لِهَذَا أَنْ يَتَّخِذَهُ اللَّهُ خَلِيلا!
فَلَمَّا رَأَى امْتِنَاعَهُمْ خَافَ أَنْ يَكُونُوا لُصُوصًا , فَقَالُوا: " لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قوم لوط " فَضَحِكَتْ سَارَّةُ تَعَجُّبًا وَقَالَتْ: نَخْدِمُهُمْ بِأَنْفُسِنَا وَلا يَأْكُلُونَ طَعَامَنَا! فَقَالَ جِبْرِيلُ: أَيَّتُهَا الضَّاحِكَةُ أَبْشِرِي بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ , وَكَانَتْ بِنْتَ تِسْعِينَ سَنَةً وَإِبْرَاهِيمُ ابْنَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً.
فَلَمَّا سَكَنَ رَوْعُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِمَ أَنَّهُمْ مَلائِكَةٌ أخذ يناظرهم , فقال: أتهلكون قرية
فيها أربعمائة مؤمن؟ قالوا: لا. قال: ثلاثمائة؟ قَالُوا: لا. قَالَ: مِائَتَانِ؟ قَالُوا: لا. قَالَ: أَرْبَعُونَ؟ قَالُوا: لا. قَالَ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ؟ قَالُوا: لا. وَكَانَ يَعُدُّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَعَ امْرَأَةِ لوط. فقال: إن فيها لوطاً. قالوا: نحن أعلم بمن فيها. فَسَكَتَ وَاطْمَأَنَّتْ نَفْسُهُ. ثُمَّ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ فَجَاءُوا إِلَى لُوطٍ وَهُوَ فِي أَرْضٍ لَهُ يَعْمَلُ , فَقَالُوا: إِنَّا مُتَضَيِّفُونَ اللَّيْلَةَ بِكَ. فَانْطَلَقَ بِهِمْ وَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَلُ أَهْلُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَخْبَثَ مِنْهُمْ!
فَلَمَّا دَخَلُوا مَنْزِلَهُ انْطَلَقَتِ امْرَأَتُهُ فَأَخْبَرَتْ قومها.
قوله تعالى: {سيء بهم} أَيْ سَاءَهُ مَجِيءُ الرُّسُلِ , لأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُمْ وَخَافَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهِ {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ ضَاقَ بِفُلانٍ أَمْرُهُ ذَرْعًا إِذَا لَمْ يَجِدْ مِنَ الْمَكْرُوهِ مَخْلَصًا. وَقَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: ضَاقَ بِهِمْ وِسْعُهُ , فَنَابَ الذَّرْعُ عن الوسع {وقال هذا يوم عصيب} يُقَالُ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ [وَعَصَبْصَبٌ] إِذَا كَانَ شديداً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute