للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بْنُ الْقَاسِمِ , عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ , عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي الإِنْجِيلِ: تَعْمَلُونَ الْخَطَايَا وَتُنْكِرُونَ الْعُقُوبَةَ!

يَا مَنْ مَعَاصِيهِ جَمَّةٌ مَشْهُورَةٌ وَنَفْسُهُ بِمَا يَجْنِي عَلَيْهَا مَسْرُورَةٌ , أَفِي الْعَيْنِ كَمَهٌ أَمْ عَشَى , أَإِلَيْكَ الأَمْرُ كَمَا تشاء , أَعَلَى الْقَلْبِ حِجَابٌ أَمْ غِشَا , يَا كَثِيرَ الْمَعَاصِي قَعَدَ أَوْ مَشَى , عَظُمَتْ ذُنُوبُكَ فَمَتَى تَقْضِي , يَا مُقِيمًا وَهُوَ فِي الْمَعْنَى يَمْضِي , أَفْنَيْتَ الزَّمَانَ فِي الْخَطَايَا ضِيَاعًا , وَسَاكَنْتَ غُرُورًا مِنَ الأَمَلِ وَأَطْمَاعًا , وَصِرْتَ فِي تَحْصِيلِ الدُّنْيَا مُحْتَرِفًا صَنَّاعًا , تُصْبِحُ جَامِعًا وَتُمْسِي مَنَّاعًا , فَتِّشْ عَلَى قَلْبِكَ وَلُبِّكَ قَدْ ضَاعَا تَفَكَّرْ فِي عُمْرِكَ مَضَى نَهْبًا , مُشَاعًا لا فِي الشَّبَابِ أَصْلَحْتَ وَلا فِي الْكُهُولَةِ أَفْلَحْتَ , كَمْ حَمَّلْتَ أَزْرَكَ وِزْرًا ثَقِيلا , وَاجْتَرَحْتَ يَا بُعْدَ صَلاحِ ما جرحت، يا سيء السَّرِيرَةِ كَمْ عَلَيْكَ جَرِيرَةٍ , وَيْحَكَ أَتَنْسَى الْحَفِيرَةَ , أَمْ هِيَ عِنْدَكَ حَقِيرَةٌ , أَيَّامُ عُمْرِكَ قَصِيرَةٌ وَتُضَيِّعُهَا عَلَى بَصِيرَةٍ لَقَدْ قَطَعَ الأَجَلُ مَسِيرَةً وَلَكِنْ عَلَى أَقْبَحِ سِيرَةٍ , ذُنُوبُكَ جَمَّةٌ كَثِيرَةٌ , وعينك به قَرِيرَةٌ , مَا تُظْلَمُ بِهَا مِقْدَارَ شَعِيرَةٍ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: إِنَّمَا الدُّنْيَا سُوقٌ خَرَجَ النَّاسُ مِنْهَا بِمَا يَضُرُّهُمْ وَبِمَا يَنْفَعُهُمْ , وَكَمِ اغْتَرَّ نَاسٌ فَخَرَجُوا مَلُومِينَ وَاقْتَسَمَ مَا جَمَعُوا مَنْ لَمْ يَحْمَدْهُمْ , وَصَارُوا إِلَى مَنْ لا يَعْذِرُهُمْ فَيَحِقُّ لَنَا أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَا نَغْبِطُهُمْ بِهِ مِنَ الأَعْمَالِ فَنَعْمَلُهَا وَإِلَى مَا نَتَخَوَّفُ فَنَجْتَنِبُهَا.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: الْمَغْبُونُ مَنْ عَطَّلَ أَيَّامَهُ بِالْبَطَالاتِ وَسَلَّطَ جَوَارِحَهُ عَلَى الْهَلَكَاتِ , وَمَاتَ قَبْلَ إِفَاقَتِهِ مِنَ الْجِنَايَاتِ:

(بَدَتْ دَهْيَاءُ تُنْذِرُ بِالْخُطُوبِ ... نُلاحِظُهَا بِأَبْصَارِ الْقُلُوبِ)

(وَقَدْ دَلَّ الْمَجِيءُ عَلَى ذَهَابٍ ... كَمَا دَلَّ الطلوع على الغروب)

يا هذا الطالب حييت فَبَادِرْ , وَالْفَضَائِلُ مُعْرِضَةٌ فَثَابِرْ , اتْرُكِ الْهَوَى مَحْمُودًا , قبل أن يتركك مَذْمُومًا , إِنْ فَاتَتْكَ قَصَبَاتُ السَّبْقِ فِي الْوَلايَةِ , فلا تفوتنك

<<  <  ج: ص:  >  >>