للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّنْيَا دَارُ الآفَاتِ وَالْفِتَنِ , كَمْ غَرَّتْ غِرًّا وَمَا فَطَنَ , أَرَتْهُ ظَاهِرَهَا وَالظَّاهِرُ حَسَنٌ ,

فَلَمَّا فَتَحَ عَيْنَ الْفِكْرِ مِنَ الْوَسَنِ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونَ وَلَنْ , وَيْحَ الْمَقْتُولِينَ بِسَيْفِ اغْتِرَارِهِمْ , وَالشَّرْعُ يَنْهَاهُمْ عَنْ أَوْزَارِهِمْ {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبصارهم} .

أَيْنَ أَرْبَابَ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ , ذَهَبَتْ وَاللَّهِ اللَّذَّاتُ دُونَ التَّبِعَاتِ , وَنَدِمُوا إِذْ قَدِمُوا عَلَى مَا فَاتَ وَتَمَنَّوْا بَعْدَ يُبْسِ الْعُودِ الْعَوْدَ وَهَيْهَاتَ , فَتَلَمَّحْ فِي الآثَارِ سُوءَ أَذْكَارِهِمْ {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يغضوا من أبصارهم} .

نَازَلَهُمُ الْمَوْتُ عَلَى الذُّنُوبِ , فَأُسِرُوا فِي قُيُودِ الْجَهْلِ وَالْعُيُوبِ , فَرَحَلَتْ لَذَّاتٌ خَلَتْ عَنِ الأَفْوَاهِ وَالْقُلُوبِ , وَحَزِنُوا عَلَى الْفَائِتِ وَلا حُزْنَ يَعْقُوبَ , حِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ فِي ثِيَابِ إِدْبَارِهِمْ [وَعِصِيُّ التَّوْبِيخِ فِي أَدْبَارِهِمْ] {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا من أبصارهم} .

قُلْ لِلنَّاظِرِينَ إِلَى الْمُشْتَهَى فِي دِيَارِهِمْ , هَذَا أُنْمُوذَجٌ مِنْ دَارِ قَرَارِهِمْ , فَإِنِ اسْتَعْجَلَ أَطْفَالُ الْهَوَى فَدَارِهِمْ , وَعِدْهُمْ قُرْبَ الرَّحِيلِ إِلَى دَارِهِمْ {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} .

احْذَرُوا نَظْرَةً تُفْسِدُ الْقُلُوبَ , وَتَجْنِي عَلَيْكُمُ الذَّمَّ وَالْعُيُوبَ , تُسْخِطُ مَوْلاكُمْ عَالِمَ الْغُيُوبِ , لَقَدْ وَصَفَ الطَّبِيبُ حِمْيَةً لِلْمَطْبُوبِ , فَلَوِ اسْتَعْمَلُوا الْحِمْيَةَ لَمْ تَتَعَرَّضِ الْحُمَّى بِأَبْشَارِهِمْ {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبصارهم} .

وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِلْهُدَى , وَعَصَمَنَا مِنْ أَسْبَابِ الْجَهْلِ وَالرَّدَى , وَسَلَّمَنَا مِنْ شَرِّ النُّفُوسِ فَإِنَّهَا شَرُّ الْعِدَى , وَجَعَلَنَا مِنَ الْمُنْتَفِعِينَ بِوَعْظِ أَخْيَارِهِمْ {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} .

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصْحِبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>