للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فاغتم دَوْلَةَ الشَّبِيبَةِ وَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلْ ... )

(أَيُّهَا الْمُبْتَنِي الْحُصُونَ وَقَدْ شَابَ وَاكْتَهَلْ ... )

(أَخْبَرَ الشَّيْبُ عَنْكَ أَنَّكَ فِي آخِرِ الأَجَلْ ... )

(فَعَلامَ الْوُقُوفُ فِي عَرْصَةِ الْعَجْزِ وَالْكَسَلْ ... )

(مَنْزِلٌ لَمْ يَزَلْ يَضِيقُ وَيَنْبُو بِمَنْ نَزَلْ ... )

(أَنْتَ فِي مَنْزِلٍ إِذَا حَلَّهُ نَازِلٌ رَحَلْ ... )

طُوبَى لِمَنْ غَسَلَ دَرَنَ الذُّنُوبِ بِتَوْبَةٍ، وَرَجَعَ عَنْ خَطَايَاهُ قَبْلَ فَوْتِ الأَوْبَةِ، وَبَادَرَ الْمُمْكِنَ قَبْلَ أَنْ لا يُمْكِنَ، مَنْ رَأَيْتَ مِنْ آفَاتِ دُنْيَاهُ سَلِمَ، وَمَنْ شَاهَدْتَهُ صَحِيحًا وَمَا سَقِمَ، وَأَيُّ حَيَاةٍ بِالْمَوْتِ لَمْ تَنْخَتِمْ، وَأَيُّ عُمْرٍ بِالسَّاعَاتِ لَمْ يَنْصَرِمْ، إِنَّ الدُّنْيَا لَغَرُورٌ حَائِلٌ، وَسُرُورٌ إِلَى الشُّرُورِ آيِلٌ، تُرْدِي مُسْتَزِيدَهَا وَتُؤْذِي مُسْتَفِيدَهَا، بَيْنَمَا طَالِبُهَا يَضْحَكُ أَبْكَتْهُ وَيَفْرَحُ بِسَلامَتِهِ أَهْلَكَتْهُ، فَنَدِمَ عَلَى زَلَلِهِ إِذْ قَدِمَ عَلَى عَمَلِهِ، وَبَقِيَ رَهِينَ خَوْفِهِ وَوَجَلِهِ، وَوَدَّ أَنْ لَوْ زِيدَ سَاعَةً فِي أَجَلِهِ، فَمَا هُوَ إِلا أَسِيرٌ فِي حُفْرَتِهِ، وَخَسِيرٌ فِي سَفْرَتِهِ، وَهَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ صِفَةَ مَنْ عَنَّا نَأَى، فَكَذَا نَكُونُ [لَوْ أَنَّ الْعَاقِلَ ارْتَأَى] :

(سَبِيلُكَ فِي الدُّنْيَا سَبِيلُ مُسَافِرٍ ... ولا بد من زاد لكل مسافر)

(ولابد لِلإِنْسَانِ مِنْ حَمْلِ عُدَّةٍ ... وَلا سِيَّمَا إِنْ خَافَ سَطْوَةَ قَاهِرِ)

(وَطُرْقُكَ طُرْقٌ لَيْسَ تُسْلَكُ دَائِمًا ... وَفِيهَا عِقَابٌ بَعْدَ صَعْبِ الْقَنَاطِرِ)

أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْحَمامِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَوَّاصُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا مَارًّا مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فِي صَحْرَاءَ، إِذْ أَتَيْنَا عَلَى قَبْرٍ مُسَنَّمٍ، فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ وَبَكَى. فَقُلْتُ: قَبْرُ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا قَبْرُ حُمَيْدِ بْنِ جَابِرٍ أَمِيرِ هَذِهِ الْمُدُنِ، كَانَ غَرِيقًا فِي بِحَارِ هَذِهِ الدُّنْيَا،

ثُمَّ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْهَا، لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ سُرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِشَيْءٍ مِنْ مَلاهِي دُنْيَاهُ ثُمَّ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ [وَنَامَ] مَعَ مَنْ يَخُصُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، فَرَأَى رَجُلا وَاقِفًا عَلَى رَأْسِهِ بِيَدِهِ كِتَابٌ، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>