للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ , وَحَوَائِجُهُمْ خَفِيفَةٌ , صَبَرُوا أَيَّامًا قِصَارًا تَعْقُبُ رَاحَةً طَوِيلَةً , أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافَّةٌ أَقْدَامُهُمْ تَسِيلُ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ , يَجْأَرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ رَبَّنَا رَبَّنَا. وَأَمَّا النَّهَارَ فَعُلَمَاءُ حُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِيَاءُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى أَوْ قَدْ خُولِطُوا , وَمَا بِهِمْ مَرَضٌ وَلَكِنْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ.

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ , أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الْحِيرِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الزَّنْجَانِيُّ , حَدَّثَنَا عيسى بن هرون , حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى , عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ , قَالَ: كَانَ قَوْمٌ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ عَلَى

شَاطِئِ البحر يتحدثون في ملكوت السماء وَفِي خَدْعَةِ الدُّنْيَا لِمَنْ فِيهَا , فَسَمِعُوا هَاتِفًا من البحر يقول: إن للَّهِ عِبَادًا أَخْلَصَتْهُمُ الْخَشْيَةُ وَأَذَابَهُمُ الْحُزْنُ , فَلَمْ تَجِفَّ دَمْعَتُهُمْ وَلَمْ يَشْغَلْهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ شَاغِلٌ , تَفَرَّغُوا لَهُ وَنَصَبُوهُ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ , أُولَئِكَ عَلَى كَرَاسِيٍّ مِنْ نُورٍ عِنْدَ قَائِمَةِ الْعَرْشِ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ وَيَضْحَكُونَ إِلَيْهِ فَصُعِقُوا وَسَقَطَ بَعْضُهُمْ فِي الْبَحْرِ وَمَاتَ بَاقِيهِمْ.

أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ , أنبأنا محمد بن علي الْقُرَشِيِّ , حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُسَيْنِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَشَّاءُ , حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جعر , حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى الدِّهْقَانُ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو , حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حسين بن محمد ابن بَكْرٍ , عَنْ أَبِي الْجَارُودِ , عَنْ عَطِيَّةَ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَيَبْلُغُ مِنْ كَرَامَةِ الْعَبْدِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُ لَيَكُونُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ أَلْفُ بَابٍ , مَا مِنْهَا بَابٌ إِلا عَلَيْهِ خَدَمٌ مِنْ خَدَمِهِ , فَتُقْبِلُ الْمَلائِكَةُ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى تِلْكَ الأَبْوَابِ فَيَقُولُونَ هَلْ عَلَى سَيِّدِكُمْ مِنْ إِذْنٍ؟ فَيَقُولُونَ: مَا نَدْرِي. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ إِنَّ مَلائِكَةً مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ عَلَى الأَبْوَابِ يَقُولُونَ: هَلْ عَلَى سَيِّدِكُمْ مِنْ إِذْنٍ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِ بِالتَّحِيَّةِ ".

يَا قَلِيلَ الصَّبْرِ إِنَّمَا هِيَ مَرَاحِلُ , فَصَابِرْ لُجَّةَ الْبَلاءِ فَالْمَوْتُ سَاحِلٌ , تَأَمَّلْ تَحْتَ سَجْفِ لَيْلِ الصَّبْرِ صُبْحُ الأَجْرِ , وَاحْبِسْ لِسَانَكَ عَنِ الشَّكْوَى فِي سِجْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>