التَّوْحِيدِ وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّطْفِيفِ , وَكَانَ يُقَالُ لَهُ خَطِيبُ الأَنْبِيَاءِ لِحُسْنِ مُرَاجَعَتِهِ قَوْمِهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {قد جاءتكم بينة من ربكم} وَلَمْ يَذْكُرْ مُعْجِزَتَهُ. {وَلا تَبْخَسُوا
الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ} أَيْ لا تَنْقُصُوا {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ} أَيْ لا تَعْمَلُوا فِيهَا الْمَعَاصِيَ بَعْدَ أَنْ أَصْلَحَهَا بِالأَمْرِ بِالْعَدْلِ {وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ} أي بكل طريق {توعدون} وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِكَذَا لأَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَخْلَتِ الْفِعْلَ مِنَ الْمَفْعُولِ لا يَدُلُّ إِلا عَلَى شَرٍّ , يَقُولُونَ: أَوْعَدْتَ فلاناَ. وَكَذَلِكَ إِذَا أَفْرَدُوا {وَعَدْتَ} مِنْ مَفْعُولٍ فَإِنَّهُ لا يَدُلُّ إِلا عَلَى خَيْرٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُونَ: وَعَدْتُهُ خَيْرًا وَوَعَدْتُهُ شَرًّا , فَإِذَا أَسْقَطُوا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ قَالُوا: وَعَدْتُهُ فِي الْخَيْرِ. وَأَوْعَدْتُهُ فِي الشَّرِّ.
وَلِلْمُفَسِّرِينَ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الإِيعَادِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ كَانُوا يُوعِدُونَ مَنْ آمَنَ بِشُعَيْبٍ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ كَانُوا عَشَّارِينَ قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ. قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَصُدُّونَ عَنْ سبيل الله} أَيْ تُصْرِفُونَ عَنْ دِينِهِ {مَنْ آمَنَ بِهِ وتبغونها عوجاً} أَيْ تَطْلُبُونَ لِلسَّبِيلِ عِوَجًا أَيْ زَيْفًا {وَاذْكُرُوا إذ كنتم قليلاً فكثركم} يَحْتَمِلُ ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: كُنْتُمْ فُقَرَاءَ فَأَغْنَاكُمْ , وَقَلِيلا عَدَدُكُمْ فَكَثَّرَكُمْ , وَغَيْرَ ذِي مَقْدِرَةٍ فَأَقْدَرَكُمْ. وَكَانُوا مَعَ كَثْرَةِ أَمْوَالِهِمْ قَدْ أُغْرُوا بِالتَّطْفِيفِ.
وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا رَدُّوا عَلَيْهِ: " أَصَلاتُكَ تأمرك " أَيْ دِينُكَ وَقِرَاءَتُكَ. " أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا " الْمَعْنَى: [أَوْ] أَنْ نَتْرُكَ أَنْ نَفْعَلَ. وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ: {مَا تَشَاءُ} فَاسْتَغْنَى عَنِ الإِضْمَارِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: أَمَرَهُمْ بِالزَّكَاةِ فامتنعوا. وقالوا: {إنك لأنت الحليم الرشيد} استهزاء به.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute