للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَفَّاهُمْ , فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْخَلْقِ بِالْمَحَبَّةِ سِوَاهُمْ , أَزْعَجَتْهُمْ عَوَاصِفُ الْمَخَافَةِ فَتَدَارَكَهُمْ مِنَ الرَّجَاءِ نَسِيمٌ {إن الأبرار لفي نعيم} .

قصورهم في الجنان عالية , وعيشهم فِي الْقُصُورِ صَافِيَةٌ , وَهُمْ فِي عَفْوٍ مَمْزُوجٍ بِعَافِيَةٍ , وَقُطُوفُ الأَشْجَارِ مِنَ الْقَوْمِ دَانِيَةٌ , وَأَقْدَامُهُمْ عَلَى أَرْضٍ مِنَ الْمِسْكِ سَاعِيَةٌ , وَأَبْدَانُهُمْ مِنَ السُّنْدُسِ وَالإِسْتَبْرَقِ كَاسِيَةٌ , وَالْعَيْشُ لَذِيذٌ وَالْمُلْكُ عَظِيمٌ {إن الأبرار لفي نعيم} .

رَضِيَ عَنْهُمْ جَبَّارُهُمْ , وَأَشْرَقَتْ بِرِضَاهُ دَارُهُمْ , وَصَفَتْ بِبُلُوغِ الْمُنَى أَسْرَارُهُمْ , فَارْتَفَعَتْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَكْدَارُهُمْ , وَوَرَّدَتْ فِي الْجِنَانِ أَشْجَارُهُمْ , وَاطَّرَدَتْ تَحْتَ الْقُصُورِ أَنْهَارُهُمْ , وَتَرَنَّمَتْ عَلَى الْوَرَقِ أَطْيَارُهُمْ , وَالْمَلائِكَةُ تَحُفُّهُمْ وَتَخُصُّهُمْ بِالتَّسْلِيمِ , وَالْعُيُونُ تَجْرِي مِنْ رَحِيقٍ وَتَسْنِيمٍ , وَالْمَلِكُ قَدْ وَصَفَهُمْ فِي الْكَلامِ الْقَدِيمِ {إن الأبرار لفي نعيم} .

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا رَبُّكُمُ الَّذِي صَدَقْتُكُمْ وَعْدِي وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي فَهَذَا مَحَلُّ كَرَامَتِي , فَاسْأَلُونِي مَا شِئْتُمْ. فَيَقُولُونَ: نَسْأَلُكَ رِضْوَانَكَ. فَيَقُولُ: رِضْوَانِي أَحَلَّكُمْ دَارِي وَأَدْنَاكُمْ مِنْ جِوَارِي ".

وَرُوِّينَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لأَوْلِيَائِهِ فِي الْقِيَامَةِ: " أوليائي طال ما لَمَحْتُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَقَدْ غَارَتْ أَعْيُنُكُمْ وَقَلَصَتْ شفاهكم عن الأشربة وخفقت بُطُونُكُمْ , فَتَعَاطَوُا الْكَأْسَ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ".

وَقَوْلُهُ تعالى: {على الأرائك ينظرون} الأَرَائِكُ: السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: لا تَكُونُ الأَرِيكَةُ إِلا سَرِيرًا فِي قُبَّةٍ عَلَيْهِ شَوَارُهُ وَمَتَاعُهُ. وَالشَّوَارُ مَتَاعُ الْبَيْتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>