أبسط يدي للقتل.
{إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك} أَيْ تَرْجِعُ بِإِثْمِ قَتْلِي وَإِثْمِكَ الَّذِي مَنَعَ مِنْ قَبُولِ قُرْبَانِكَ. وَالْمَعْنَى: إِنَّمَا أُرِيدُ هَذَا إن قتلتني.
{فطوعت له نفسه} أَيْ زَيَّنَتْ لَهُ قَتْلَهُ. وَفِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ رَمَاهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلَهُ. رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: جَاءَهُ وَهُوَ نَائِمٌ فَضَرَبَ رَأْسَهُ بِصَخْرَةٍ، رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالثَّالِثُ: رَضَخَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. قَالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ.
وَفِي مَوْضِعِ صَرْعِهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا جَبَلُ ثَوْرٍ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: عِنْدَ عَقَبَةِ حِرَاءٍ. حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَالثَّالِثُ: بِالْبَصْرَةِ. قَالَهُ جَعْفَرٌ الصادق.
قوله تعالى: {فأصبح من الخاسرين} أَيْ صَارَ مِنْهُمْ، وَخُسْرَانُهُ بِمَعْصِيَتِهِ رَبِّهِ وَبِإِسْخَاطِ وَالِدَيْهِ، وَمَصِيرِهِ إِلَى النَّارِ.
وَرَوَى مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَهُ حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ مِائَةَ سَنَةٍ فَإِذَا مَشَى تَخُطُّ رِجْلاهُ الأَرْضَ، وَإِذَا قَعَدَ وَضَعَهُ إِلَى جَنْبِهِ، إِلَى أَنْ رَأَى غُرَابَيْنِ اقْتَتَلا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، ثُمَّ بَحَثَ الأَرْضَ فَوَارَاهُ، فقال حينئذ: {يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب} فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ عَلَى حَمْلِهِ لا عَلَى قَتْلِهِ!
وَكَانَ عُمْرَ هَابِيلَ حِينَئِذٍ عِشْرِينَ سَنَةً وَعُمْرُ قَابِيلَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. فَلَمَّا قَتَلَهُ هَرَبَ إِلَى الْيَمَنِ.
وَحَزِنَ آدَمُ عَلَى هَابِيلَ فَمَكَثَ مِائَةَ سَنَةٍ لا يَضْحَكُ! وَقَالَ:
(تَغَيَّرَتِ الْبِلادُ وَمَنْ عَلَيْهَا ... فَوَجْهُ الأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِيحْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute