للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَسَارٍ , قَالَ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ , قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ سَمُرَةَ السَّائِحُ: يَا أَخِي إِيَّاكَ وَتَأْمِيرَ

التَّسْوِيفِ عَلَى نَفْسِكَ وَإِمْكَانَهُ مِنْ قَلْبِكَ , فَإِنَّهُ مَحَلُّ الْكَلالِ وَمَوْئِلُ التَّلَفِ وَبِهِ تُقْطَعُ الآمَالُ , وَفِيهِ تَنْقَطِعُ الآجَالُ , فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ أَدَلْتَهُ مِنْ عَزْمِكَ فَاجْتَمَعَ وَهَوَاكَ عَلَيْكَ فَغَلَبَا وَاسْتَرْجَعَا مِنْ بَدَنِكَ مِنَ السَّلامَةِ مَا قَدْ وُلِّيَ عَلَيْكَ , فَعِنْدَ مُرَاجَعَتِهِ إِيَّاكَ لا تَنْتَفِعُ نَفْسُكَ مِنْ بَدَنِكَ بِنَافِعَةٍ , وَبَادِرْ يَا أَخِي فَإِنَّهُ مُبَادَرٌ بِكَ , وَأَسْرِعْ فَإِنَّهُ مُسْرَعٌ بِكَ وَجِدَّ فَإِنَّ الأَمْرَ جَدٌّ , وَتَيَقَّظْ مِنْ رَقْدَتِكَ , وَانْتَبِهْ مِنْ غَفْلَتِكَ , وَتَذَكَّرْ مَا أَسْلَفْتَ وَقَصَّرْتَ وَفَرَّطْتَ وَجَنَيْتَ , فَإِنَّهُ مُثْبَتٌ مُحْصًى , وَكَأَنَّكَ بِالأَمْرِ قَدْ بَغَتَكَ فَاغْتَبَطْتَ بِمَا قَدَّمْتَ وَنَدِمْتَ عَلَى مَا فَرَّطْتَ , فَعَلَيْكَ بِالْحَيَاءِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالْعُزْلَةِ فَإِنَّ السَّلامَةَ فِي ذَلِكَ مَوْجُودَةٌ. وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ لأَرْشَدِ الأُمُورِ , وَلا قُوَّةَ بِنَا وَبِكَ إِلا بِاللَّهِ.

(إن عمر الفتا مَرَارَةُ دَهْرٍ ... رَاشِفَاهَا الْغُدُوُّ وَالآصَالُ)

(فَتَذَكَّرْ كَمْ قَدْ صَحِبْتَ عَزِيزًا ... ثُمَّ أَمْسَى وَأَرْضُهُ صَلْصَالُ)

(غَفَلَ النَّاسُ وَالْقَرِيبُ بَعِيدٌ ... مِنْ رَدَى الْمَوْتِ وَالْيَقِينُ مُحَالُ)

(كَمْ لَبِيبٍ يَهْدِي سِوَاهُ لِرُشْدٍ ... وَهُوَ فِي عَيْشِ نَفْسِهِ لَيْسَ يَالُو)

(يَطْلُبُ الْمَرْءُ أَنْ يَنَالَ رِضَاهُ ... وَرِضَاهُ فِي غَايَةٍ لا تُنَالُ)

(كُلَّمَا زَادَهُ الزَّمَانُ ثَرَاءً ... أَحْرَمَتْهُ لَذَّةُ الآمَالِ)

إِخْوَانِي: الأَيَّامُ سَفَرٌ وَمَرَاحِلُ , وَمَا يُحِسُّ بِسَيْرِهَا الرَّاحِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الْبَلَدَ أَوِ السَّاحِلَ , فَلْيُبَادِرِ الْمُسْتَدْرَكُ , وَمَا أَظُنُّهُ يُدْرِكُ , مَا هَذِهِ الْغَفْلَةُ وَالْفُتُورُ أَمَا الْمَآلُ إِلَى اللُّحُودِ وَالْقُبُورِ , أَمَا عَلِمْتُمْ مُنْتَهَى السُّرُورِ , أَمَا الأَجْدَاثُ الْمَنَازِلُ إِلَى النُّشُورِ , أَيُّهَا الشَّابُّ ضَيَّعْتَ الشَّبَابَ فِي جَهْلِكَ , أَيُّهَا الْكَهْلُ بَعْضُ فِعْلِكَ يُهْلِكُ , أَيُّهَا الشَّيْخُ آنَ الرَّحِيلُ عَنْ أَهْلِكَ , أَيُّهَا الْمُغْتَرُّ بِالأَمَلِ قَدْ نَقَضَتْ كَفُّ الأَجَلِ مَجْدُولَ حَبْلِكَ , أَيُّهَا الْغَافِلُ أَمَا أَنْذَرَكَ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكَ.

(مَاتَ الأَبُ الأَعْلَى وَتَابَعَهُ ... أَبْنَاؤُهُ ففنوا ونحن نسق)

(في الترب مِنْ أَبْنَائِنَا رِمَمٌ ... كَانُوا لَنَا سَلَفًا وَنَحْنُ لحق)

<<  <  ج: ص:  >  >>