للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْمَشِيدَاتُ الَّتِي رُفِعَتْ ... أَرْبَعٌ مِنْ أَهْلِهَا دُرُسُ)

(أَقَامَ لِلأَيَّامِ فِي أُذُنِي ... وَاعِظٌ مِنْ شَأْنِهِ الْخَرَسُ)

(مُهْجَتِي ضِدٌّ تُحَارِبُنِي ... أَنَا مِنِّي كَيْفَ أحترس)

(إنما دنياك غانية ... لم يهنأ زوجها العرش)

(فَالْقَهَا بِالزُّهْدِ مُدَّرِعًا ... فِي يَدَيْكَ السَّيْفَ وَالتُّرُسُ)

(لَيْسَ يَبْقَى فَرْعُ نَائِبَةٍ ... أَصْلُهَا فِي الْمَوْتِ مُفْتَرِسُ)

إِخْوَانِي: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ الْحِسَابِ وَأَعِدُّوا لِلسُّؤَالِ صَحِيحَ الْجَوَابِ , وَاحْفَظُوا بِالتَّقْوَى هَذِهِ الأَيَّامَ , وَاغْسِلُوا عَنِ الإِجْرَامِ هَذِهِ الأَجْرَامَ , قَبْلَ نَدَمِ النُّفُوسِ فِي حِينِ سِيَاقِهَا , قَبْلَ طَمْسِ شَمْسِ الْحَيَاةِ بَعْدَ إِشْرَاقِهَا قَبْلَ ذَوْقِ كَأْسٍ مُرَّةٍ فِي مَذَاقِهَا , قَبْلَ أَنْ تَدُورَ السَّلامَةُ فِي أَفْلاكِ مَحَاقِهَا , قَبْلَ أَنْ تُجْذَبَ النُّفُوسُ إِلَى الْقُبُورِ بِأَطْوَاقِهَا , وَتَفْتَرِشَ فِي اللُّحُودِ أَخْلاقَ أَخْلاقِهَا , وَتَنْفَصِلَ الْمَفَاصِلُ بَعْدَ حُسْنِ اتِّسَاقِهَا , وَتَشْتَدَّ شَدَائِدُ الْحَسْرَةِ حَاسِرَةً عَنْ سَاقِهَا , وَتَظْهَرَ مُخَبَّآتُ الدُّمُوعِ بِسُرْعَةِ انْدِفَاقِهَا , وَتَتَقَلَّبُ الْقُلُوبُ فِي ضَنْكِ ضِيقِ خَنَاقِهَا , وَيَطُولُ جُوعُ مَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا فَاكِهًا , وَتَبْكِي النُّفُوسُ فِي أَسْرِهَا عَلَى زَمَانِ إِطْلاقِهَا.

إِخْوَانِي: الأَيَّامُ مَطَايَا بِيَدِهَا أَزِمَّةُ رُكْبَانِهَا , تَنْزِلُ بِهِمْ حَيْثُ شَاءَتْ , فَبَيْنَا هُمْ عَلَى غَوَارِبِهَا أَلْقَتْهُمْ فَوَطِئَتْهُمْ بِمَنَاسِمِهَا.

قَالَ الْحَسَنُ: يُعْرَضُ عَلَى الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَاعَاتُ عُمُرِهِ , فَكُلُّ سَاعَةٍ لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا خَيْرًا تَتَقَطَّعُ نَفْسُهُ عَلَيْهَا حَسَرَاتٍ.

وَكَانَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ جَالِسًا مَعَ أَصْحَابِهِ يُحَدِّثُهُمْ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِهِمْ وَقَالَ: لَقَدْ ذَهَبَ مِنْ أَجْلِي وَأَجْلِكُمْ سَاعَةً.

وَكَتَبَ الأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَخٍ لَهُ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أُحِيطَ بِكَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ , وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسَارُ بِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَرْحَلَةٌ , فَاحْذَرِ اللَّهَ تَعَالَى وَالْمَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِكَ بِهِ وَالسَّلامُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>