للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَانِي عَلَى هَدْمِهِ , يَا مَحْمُولا إِلَى الْبِلَى لِتَمْزِيقِ لَحْمِهِ , أَمَا يَكْفِيهِ مُنْذِرًا وَهْنُ عَظْمِهِ , كَمْ نُقَرِّبُكَ وَأَنْتَ مُتَبَاعِدٌ , كَمْ نُنْهِضُكَ إِلَى الْعُلا يَا قَاعِدُ , كَمْ نُحَرِّضُكَ وَمَا تُسَاعِدُ سَاعِدٌ , كَمْ نُوقِظُكَ وَأَنْتَ فِي اللَّهْوِ رَاقِدٌ , يَا أَعْمَى الْبَصِيرَةِ وَمَا لَهُ قَائِدٌ , يَا قَتِيلَ الأَمَلِ لَسْتَ بِخَالِدٍ , يَا مُفَرِّقَ الْهُمُومِ وَالْمَقْصُودُ وَاحِدٌ , إِنْ لاحَتِ الدُّنْيَا فَشَيْطَانٌ مَارِدٌ , تُقَاتِلُ عَلَيْهَا فَتَكِرُّ وَتُطَارِدُ , فَإِذَا جَاءَتِ الصَّلاةُ فَقَلْبٌ غَائِبٌ وَجِسْمٌ شَاهِدٌ , وَتَقُولُ قَدْ صَلَّيْتُ أَتُبَهْرِجُ عَلَى النَّاقِدِ , مَا تَعْرِفُنَا إِلا فِي أَوْقَاتِ الشَّدَائِدِ , أَمَّا ذُنُوبُكَ كَثِيرَةٌ فَمَا لِلطَّرْفِ جَامِدٌ , مَلَكَكَ الْهَوَى وَنَحْنُ نَضْرِبُ فِي حَدِيدٍ بَارِدٍ.

(وَرُبَّمَا غُوفِصَ ذُو غَفْلَةٍ ... أَصَحَّ مَا كَانَ وَلَمْ يَسْتَقِمِ)

(يَا وَاضِعَ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ ... خَاطَبَكَ الْقَبْرُ فَلَمْ تَفْهَمِ)

كَمْ لَيْلَةٍ سَهِرْتَهَا فِي الذُّنُوبِ , كَمْ خَطِيئَةٍ أَمْلَيْتَهَا فِي الْمَكْتُوبِ , كَمْ صَلاةٍ تَرَكْتَهَا مُهْمِلا لِلْوُجُوبِ , كَمْ أَسْبَلْتَ سِتْرًا عَلَى عَتَبَةِ عُيُوبٍ , يَا أَعْمَى القلب بين القلوب , ستدري دمع من يَجْرِي وَيَذُوبُ، سَتَعْرِفُ خَبَرَكَ عِنْدَ الْحِسَابِ وَالْمَحْسُوبِ , أَيْنَ الْفِرَارُ وَفِي كَفِّ الطَّالِبِ الْمَطْلُوبِ , تَنَبَّهْ لِلْخَلاصِ أَيُّهَا الْمِسْكِينُ , أَعْتِقْ نَفْسَكَ مِنَ الرِّقِّ يَا رَهِينُ , اقْلَعْ أَصْلَ الْهَوَى فَعَرَقُ الْهَوَى مَكِينٌ , احْذَرْ غُرُورَ الدُّنْيَا فَمَا لِلدُّنْيَا يَمِينٌ , يَا دَائِمَ الْمَعَاصِي سِجْنُ الْغَفْلَةِ سِجِّينٌ , تَثِبُ عَلَى الْخَطَايَا وَلا وَثْبَةَ تِنِّينٍ , كَأَنَّكَ بِالْمَوْتِ قَدْ بَرَزَ مِنْ كَمِينٍ , وَآنَ الأَمْرُ فَوَقَعْتَ فِي الأَنِينِ , وَاسْتَبَنْتَ أَنَّكَ فِي أَحْوَالِ عِنِّينٍ , كَيْفَ تَرَى حَالَكَ إِذَا عَبِثَتِ

الشِّمَالُ بِالْيَمِينِ , ثُمَّ نُقِلْتَ وَلُقِّبْتَ بِالْمَيِّتِ الدَّفِينِ , وَا أَسَفَا لِعِظَمِ حِيرَتِكَ سَاعَةَ التَّلْقِينِ , يَا مَسْتُورًا عَلَى الذنوب غداً تنجلى وتبين , متى هَذَا الْقَلْبُ الْقَاسِي يَرْعَوِي وَيَلِينُ , عَجَبًا لِقَسْوَتِهِ وَهُوَ مَخْلُوقٌ مِنْ طِينٍ.

(وَقَبْلَ شُخُوصِ الْمَرْءِ يَجْمَعُ زَادَهُ ... وَتَمْلأُ مِنْ قِبْلِ الرِّمَاءِ الْكَنَائِنُ)

(حَصَادُكَ يَوْمًا مَا زَرَعْتَ وَإِنَّمَا ... يُدَانُ الْمَرْءُ يَوْمًا بِمَا هُوَ دَائِنُ)

سَاعَاتُ السَّلامَةِ بَيْنَ يَدَيْكَ مَبْذُولَةٌ , سَابِقْ سُيُوفَ الآفَاتِ فَإِنَّهَا مَسْلُولَةٌ ,

<<  <  ج: ص:  >  >>