للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي لاتِّبَاعِ الْمُصْحَفِ. وَالثَّالِثُ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَحْذِفُ الْيَاءَ وَتَكْتَفِي مِنْهَا بِكَسْرِ مَا قَبْلَهَا، وأنشدوا:

(كفاك كف ما يليق دِرْهَمًا ... جُودًا وَأُخْرَى تُعْطِ بِالسَّيْفِ الدَّمَا)

وَفِي قوله تعالى: {يسر} قَوْلانِ: أَنَّ الْفِعْلَ لِلَّيْلِ، ثُمَّ فِي ذَلِكَ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا إِذَا يَسْرِي ذَاهِبًا. رَوَاهُ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَالثَّانِي: إِذَا يَسْرِي مُقْبِلا. قَالَهُ قَتَادَةُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الفعل لغيره، والمعنى: إذا يُسْرَى فِيهِ، كَمَا يُقَالُ لَيْلٌ نَائِمٌ أَيْ يُنَامُ فِيهِ. قَالَهُ الأَخْفَشُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَلْ في ذلك} أي فيما ذكر {قسم لذي حجر} أَيْ عَقْلٍ. وَسُمِّيَ الْحِجْرُ حِجْرًا لأَنَّهُ يَحْجُرُ صَاحِبَهُ عَنِ الْقَبِيحِ، وَسُمِّيَ عَقْلا لأَنَّهُ يَعْقِلُ عَمَّا لا يَحْسُنُ، وَسُمِّيَ النُّهَى لأَنَّهُ يَنْهَى عَمَّا لا يَجْمُلُ. وَمَعْنَى الْكَلامِ: أَنَّ مَنْ كَانَ ذَا لُبٍّ عَلِمَ أَنَّ مَا أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ فِيهِ دَلائِلُ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَقُدْرَتِهِ فَهُوَ حَقِيقٌ أَنْ يُقْسِمَ به.

وجواب القسم: {إن ربك لبالمرصاد} فَاعْتَرَضَ بَيْنَ الْقَسَمِ وَجَوَابِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تر كيف فعل ربك بعاد} .

وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَشْرِ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ.

أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ ". يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ

وَجَلَّ؟ قَالَ: " وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلا رَجُلا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>