أَحَدُهُمَا: الْقَبِيلَةُ فِي طَوْلِهَا وَقُوَّتِهَا. وَالثَّانِي: الْمَدِينَةُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ بِسَنَدِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قِلابَةَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِ إِبِلٍ لَهُ شَرَدَتْ، فَبَيْنَا هُوَ فِي صَحَارَى عَدَنِ أَبْيَنَ فِي تِلْكَ الْفَلَوَاتِ إِذْ هُوَ قَدْ وَقَعَ عَلَى حِصْنٍ، حَوْلَ ذَلِكَ الْحِصْنِ قُصُورٌ كَثِيرَةٌ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا ظَنَّ أَنَّ فِيهَا أَحَدًا يَسْأَلُهُ عَنْ إِبِلِهِ فَإِذَا لا خَارِجَ وَلا دَاخِلَ. فَنَزَلَ عَنْ نَاقَتِهِ فَعَقَلَهَا ثُمَّ اسْتَلَّ سَيْفَهُ وَدَخَلَ مِنْ بَابِ الْحِصْنِ فَإِذَا هُوَ بِبَابَيْنِ عَظِيمَيْنِ لَمْ يَرَ فِي الدنيا شيء أَعْظَمَ مِنْهُمَا وَلا أَطْوَلَ، وَفِي الْبَابَيْنِ نُجُومٌ مِنْ يَاقُوتٍ أَبْيَضَ وَيَاقُوتٍ أَحْمَرَ تُضِيءُ الْبَابَيْنِ مَا بَيْنَ الْحِصْنِ وَالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلُ أَعْجَبَهُ وَتَعَاظَمَهُ الأَمْرُ فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِمَدِينَةٍ لَمْ يَرَ الرَّاءُونَ مِثْلَهَا قَطُّ، فَإِذَا هُوَ فِي قُصُورٍ كُلُّ قَصْرٍ مُعَلَّقٌ تَحْتَهُ أَعْمِدَةٌ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ. وَمِنْ فَوْقِ كُلِّ قَصْرٍ مِنْهَا غُرَفٌ. وَمِنْ فَوْقِ الْغُرَفِ غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ، وَكُلُّ مَصَارِيعِ تِلْكَ الْقُصُورِ وَتِلْكَ الْغُرَفِ مِثْلُ مَصَارِعِ بَابِ الْمَدِينَةِ بِالْيَاقُوتِ الأَبْيَضِ وَالأَحْمَرِ، مَفْرُوشَةٌ تِلْكَ الْقُصُورُ وَتِلْكَ الْغُرَفُ بِاللُّؤْلُؤِ وَبَنَادِقُ الْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانُ، فَلَمَّا عَايَنَ الرَّجُلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَ أَحَدًا هَالَهُ ذَلِكَ وَأَفْزَعَهُ ثُمَّ نَظَرَ فِي الأَزِقَّةِ فَإِذَا هُوَ بِشَجَرٍ فِي كُلِّ زُقَاقٍ مِنْهَا قَدْ أَثْمَرَ، وَتَحْتَ الأَشْجَارِ أَنْهَارٌ مُطَّرِدَةٌ يَجْرِي مَاؤُهَا فِي قَنَوَاتٍ مِنْ فِضَّةٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ إِنَّ هَذِهِ لَلْجَنَّةُ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ حَمَلَ مَعَهُ مِنْ لُؤْلُئِهَا وَزَبَرْجَدِهَا ثُمَّ عَادَ إِلَى بَلَدِهِ فَأَظْهَرَ مَا كَانَ مَعَهُ وَأَعْلَمَ النَّاسَ أَمْرَهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ فَكَتَبَ إِلَى صَنْعَاءَ فَجِيءَ بِهِ فَسَأَلَهُ عَمَّا رَأَى فَأَخْبَرَهُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَأَرَاهُ مَا قَدْ أَخَذَ مِنْهَا لُؤْلُؤًا قَدِ اصْفَرَّ وَبَنَادِقَ مِسْكٍ لَمْ يَجِدْ لَهَا رِيحًا فَفَتَّهَا فَإِذَا رِيحُ الْمِسْكِ، فَبَعَثَ إِلَى كَعْبٍ
وَقَالَ: إِنِّي دَعَوْتُكَ إِلَى شَيْءٍ رجَوْتُ أَنْ يَكُونُ عِلْمُهُ عِنْدَكَ هَلْ بَلَغَكَ أَنَّ فِي الدُّنْيَا مَدِينَةً مَبْنِيَّةً بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَمَدُهَا زَبَرْجَدٌ وَيَاقُوتٌ وَحَصْبَاؤُهَا لُؤْلُؤٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ هِيَ إِرَمُ ذَاتُ الْعِمَادِ الَّتِي بَنَاهَا شَدَّادُ بْنُ عَادٍ. قَالَ حَدِّثْنَا حَدِيثَهَا. فَقَالَ: إِنَّ عَادًا الأَوَّلَ كَانَ لَهُ ابْنَانِ شَدِيدٌ وَشَدَّادٌ فَهَلَكَ عَادٌ وَمَلَكَ ابْنَاهُ الْبِلادَ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إلا فِي طَاعَتِهِمَا ثُمَّ مَاتَ شَدِيدٌ فَمَلَكَ شَدَّادٌ وَحْدَهُ فَكَانَتْ لَهُ الدُّنْيَا جَمِيعًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute