فَبَلَغَ مِنْهُ وَجَهْدٌ فَقَالَ:
(قَدَمَيَّ اعْتَوِرَا رَمْلَ الْكَثِيبِ ... وَاطْرُقَا الآجِنَ مِنْ مَاءِ الْقَلِيبِ)
(رُبَّ يَوْمٍ رُحْتَمَا فِيهِ عَلَى ... زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَفِي وَادٍ خَصِيبِ)
(وَسَمَاعِ حُسْنِ مَنْ حَسَّنَ ... صَخْبَ الْمِزْهَرِ كَالظَّبْيِ الرَّبِيبِ)
(فَاحْسِبَا ذَاكَ بِهَذَا وَاصْبِرَا ... وَخُذَا مِنْ كُلِّ فَنٍّ بِنَصِيبِ)
(إِنَّمَا أَمْشِي لأَنِّي مُذْنِبٌ ... فَلَعَلَّ اللَّهَ يَعْفُو عَنْ ذُنُوبِي)
كَأَنِّي الآنَ بِالْمَحَامِلِ تَئِنُّ، وَبِالزَّوَامِلِ تَحِنُّ، وَبِالْمَطِيِّ تَرْزُمُ، وَبِالْجُفُونُ تَسْجُمُ، وَالشَّوْقُ إِلَى الْبَيْتِ قَدْ عَمِلَ عَمَلَهُ، وَالْمُؤَمِّلُ يُلاحِظُ أَمَلَهُ:
(وَلِي أَنَّةُ الشَّاكِي وَإِنْ بَعُدَ الْمَدَى ... مَا بَيْنَنَا وَتَنَفُّسُ المكروب)
قوله تعالى {وعلى كل ضامر} أَيْ رُكْبَانًا عَلَى ضُمَّرٍ مِنَ السَّفَرِ. نَجَائِبَ تَحْمِلُ الأَحْبَابَ، صَوَابِرَ عَلَى الإِنْضَاءِ وَالإِتْعَابِ، تَرْفُلُ بِالزَّائِرِينَ إِلَى رَبِّ الأَرْبَابِ، ادَّخَرَتْ لَهُمُ التُّحَفَ وَالْبَشَائِرَ، وَنَظَرَتْ إِلَى صَبْرِهِمْ عَلَى فِرَاقِ الْعَشَائِرِ، ودعوتهم إِلَى نَيْلِ الأَمَلِ الْوَافِرِ، وَرَحِمَتْ شَعْثَ الشَّعَثِ وَغُبَارَ الْمُسَافِرِ، وَكَتَبَتْ فِي حَسَنَاتِهِمْ خَطَوَاتِ كُلِّ ذِي خُفٍّ وَحَافِرٍ، وَأَرْبَحَتْ تِجَارَةَ كُلِّ وَارِدٍ نَحْوِي وَصَادِرٍ، وَأَعَدَّتْهُمْ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَمَا فِيهِمْ من خَاسِرٌ، فَنَادِهِمْ: {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} . قَوْلُهُ تَعَالَى {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}
يَأْتِينَ: فِعْلٌ لِلنُّوقِ. وَقَرَأَ الأَعْمَشُ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ " يَأْتُونَ " عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute