كَيْفَ تَبِيتُ وَحْدَكَ، وَيُبَاشِرُ الثَّرَى خَدَّكَ، وَتَقْتَسِمُ الدِّيدَانُ جِلْدَكَ، وَيَضْحَكُ الْمُحِبُّ بَعْدَكَ نَاسِيًا عَنْهُ بعدك، والأهل مذ وجدوا المال ما مَا وَجَدُوا فَقْدَكَ، إِلَى مَتَى وَحَتَّى مَتَى تَتْرُكَ رُشْدَكَ، أَمَا تُحْسِنُ أَنْ تُحْسِنَ إِلَيْنَا قَصْدَكَ، الأَمْرُ جَدٌّ مُجِدٌّ فَلازِمٌ جِدُّكَ.
(ذَهَبَ الأَحِبَّةُ بَعْدَ طُولِ تَوَدُّدٍ ... وَنَأَى الْمَزَارُ فَأَسْلَمُوكَ وَأَقْشَعُوا)
(خَذَلُوكَ أَفْقَرَ مَا تَكُونُ لِغُرْبَةٍ ... لَمْ يُؤْنِسُوكَ وَكُرْبَةً لَمْ يَدْفَعُوا)
(قُضِيَ الْقَضَاءُ وَصِرْتَ صَاحِبَ حُفْرَةٍ ... عَنْكَ الأَحِبَّةُ أَعْرَضُوا وَتَصَدَّعُوا)
وَوُجِدَ عَلَى قَبْرٍ مَكْتُوبٌ:
(سَيُعْرِضُ عَنْ ذِكْرِي وَتُنْسَى مَوَدَّتِي ... وَيُحْدَثُ بَعْدِي لِلْخَلِيلِ خَلِيلُ)
(إِذَا انْقَطَعَتْ يَوْمًا مِنَ الْعَيْشِ مُدَّتِي ... فَإِنَّ غِنَاءَ الْبَاكِيَاتِ قَلِيلُ)
إِلَى مَتَى هَذَا التَّخْلِيطُ وَالْمَوْتُ بِكُمْ مُحِيطٌ، أَيْنَ الأَخُ وَالْخَلِيطُ بَادَرَهُمَا مَوْتٌ نَشِيطٌ، كيف يلهوا هَذَا الشَّمِيطُ، وَلَهُ أَسَدٌ مُسْتَشِيطٌ، عَلَيْهِ وَسَخٌ وَمَا يُمِيطُ لا بَلْ دَمٌ عَبِيطٌ، يَا رُبَّمَا انْقَبَضَ النَّشِيطُ، تَيَقَّظْ فَكَمْ هَذَا الْغَطِيطُ، اقْبَلْ نُصْحِي وَاسْمَعْ مِنَ الْوَسِيطِ، يَا ذَا التَّحَرُّكِ فِي الْهَوَى لا بُدَّ لَهُ مِنْ سُكُونٍ، عَلَى هَذا كَانَتِ الدُّنْيَا وَعَلَيْهِ تَكُونُ، لا يَغُرَّنَّكَ سَهْلُهَا فَبَعْدَ السَّهْلِ حُزُونٌ، لا تَنْظُرْ إِلَى فَرْحِهَا فَكُلُّ فَرِحٍ مَحْزُونٌ، تَأَمَّلْ فِعْلَهَا بِغَيْرِكَ فَبُغْضُ الْمُقَبِّحِ يَهُونُ، إِنَّ رُوحَكَ دَيْنُ الْمَمَاتِ وَسَتُقْضَى الدُّيُونُ، مَا فَرَحُهَا مُسْتَتِمٌّ وَلا تَرَحُهَا مَأْمُونٌ، مَا أَضْحَكَتِ السِّنَّ إِلا وأبكت العيون، إياك وإيا المومس الخثون، إِنَّهَا لَدَارُ الْغُرُورِ وَمَنْزِلٌ لِلْمَنُونِ، كَمْ نَلُومُ عَلَى الْغَبْنِ وَمَا يَعْقِلُ الْمَغْبُونُ، مَهْلا أَضَعْتُمُ الْمَوَاعِظَ قَلْبُ هَذَا مَفْتُونٌ، يَا لائِمًا لِي فِي الْهَوَى مَاذَا هَوَى هَذَا جَنُونٌ.
أَيُّهَا الْغَافِلُ عَمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ لا يَذْكُرُ الْمَوْتَ وَلا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، شَغَلَهُ عَنِ الْعَوَاقِبِ مَا لَدَيْهِ وَأَلْهَاهُ مَا لَهُ عَمَّا عَلَيْهِ:
(يَا لِقَوْمِي لِلآمِلِ الْمَغْرُورِ ... وَلَجَاجٍ لا يَنْقَضِي فِي الصُّدُورِ)
(وَلِنَفْسٍ مَخْدُوعَةٍ بِالأَمَانِي ... وَلَهُمْ مُوكَلٌ بِسُرُورِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute