للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّمَا كَانَ هَمُّ الْقَوْمِ فِي نَفَاذِ الأَبْصَارِ حَتَّى أَبْصَرُوا.

الضَّرْبُ الرَّابِعُ: تَطْهِيرُ السِّرِّ عَمَّا سِوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ الْعُلْيَا وَلَمْ تَحْصُلْ إِلا لِمَنْ تَجَلَّتْ لَهُ أَوْصَافُ الْحَبِيبِ فَدَخَلَ فِي دَائِرَةِ الْمَحَبَّةِ.

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفْرٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ: سَأَلَ مَحْمُودٌ أَبَا سُلَيْمَانَ وَأَنَا حَاضِرٌ: مَا أَقْرَبُ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَبَكَى أَبُو سُلَيْمَانَ ثُمَّ قَالَ: مثلي يسأل عن هذا! أقرت مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى قَلْبِكَ وَأَنْتَ لا تُرِيدُ مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلا هُوَ.

قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلا يَقُولُ: مَنْ نَظَرَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَرِيبًا مِنْهُ بَعُدَ عَنْ قَلْبِهِ كُلُّ شَيْءٍ سِوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ طَلَبَ مَرْضَاتَهُ أَرْضَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ أَسْلَمَ قَلْبَهُ إِلَيْهِ تَوَلَّى اللَّهُ جَوَارِحَهُ.

قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ: وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَا مِنْ سَاعَةٍ إِلا وَاللَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَأَيُّ قَلْبٍ رَأَى فِيهِ غَيْرَهُ سَلَّطَ عَلَيْهِ إِبْلِيسَ.

قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ: وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: سُئِلَ الشِّبْلِيُّ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} فقال: أبصار الرؤوس عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ، وَأَبْصَارِ الْقُلُوبِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ بِسَنَدِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ يَقُولُ: بَاتَ أَبُو سُلَيْمَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّيْلُ قَامَ لِيَتَوَضَّأَ فَلَمَّا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ حَتَّى انْفَجَرَ الصُّبْحُ وَكَانَ وَقْتُ الإِقَامَةِ فَخَشِيتُ أَنْ تَفُوتَ صَلاتُهُ فَقُلْتُ: الصَّلاةَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَحْمَدُ أَدْخَلْتُ يَدِي فِي الإِنَاءِ فَعَارَضَنِي عَارِضٌ مِنْ سِرِّي: هَبْ أَنَّكَ غَسَلْتَ بِالْمَاءِ مَا ظَهَرَ مِنْكَ، فَبِمَاذَا تَغْسِلُ قَلْبَكَ؟ فَبَقِيتُ مُتَفَكِّرًا حتى قلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>