للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَعَمَّدَ [الأَكْلَ] لَكِنَّهُ أَكَلَ مُتَأَوِّلا وَفِي تَأْوِيلِهِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَأَوَّلَ الْكَرَاهَةَ دُونَ التَّحْرِيمِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ نُهِيَ عَنْ شَجَرَةٍ فَأَكَلَ مِنْ جِنْسِهَا ظَنًّا أَنَّ الْمُرَادَ عَيْنُ تِلْكَ الشَّجَرَةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جميعا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُهْبِطَ آدَمُ وَحَوَّاءُ وَإِبْلِيسُ وَالْحَيَّةُ. أَمَّا آدَمُ فَأُهْبِطَ عَلَى جَبَلٍ بِالْهِنْدِ يُقَالُ لَهُ " وَاسِمُ " وَحَوَّاءُ بِجُدَّةَ وَالْحَيَّةُ بِنَصِيبِينَ، وَإِبْلِيسُ بِالأُبُلَّةِ وَكَانَ مُكْثُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ نصف يوم من أيام الآخرة: وهو خمسمائة سَنَةٍ. وَأُنْزِلَ مَعَهُ الْحَجَرُ الأَسْوَدُ وَعَصَا مُوسَى، وَكَانَتْ مِنْ آسِ الْجَنَّةِ فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَذْبَحَ كَبْشًا مِنَ الضَّأْنِ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ، فَذَبَحَهُ ثُمَّ جَزَّ صُوفَهُ، فعزلته حَوَّاءُ، فَنَسَجَ لِنَفْسِهِ جُبَّةً وَلِحَوَّاءَ دِرْعًا وَخِمَارًا، وَعُلِّمَ الزِّرَاعَةَ فَزَرَعَ فَنَبَتَ فِي الْحَالِ فَحَصَدَ وَأَكَلَ وَلَمْ يَزَلْ فِي الْبُكَاءِ.

قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: سَجَدَ آدَمُ عَلَى جَبَلٍ بِالْهِنْدِ مِائَةَ عَامٍ يَبْكِي حَتَّى جَرَتْ دُمُوعُهُ فِي وَادِي سَرَنْدِيبَ فَأَنْبَتَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ الْوَادِي مِنْ دُمُوعِهِ الدَّارَصِينِيٌّ وَالْقَرَنْفُلُ،

وَجُعِلَ طَيْرُ ذَلِكَ الْوَادِي الطَّوَاوِيسَ ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ: ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ أَتَى الْكَعْبَةَ فَطَافَ أُسْبُوعًا، فَمَا أَتَمَّهُ حَتَّى خَاضَ فِي دُمُوعِهِ.

وَأَمَّا الْكَلِمَاتُ الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ فَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} .

قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْتَقَى آدَمُ وَحَوَّاءُ بِعَرَفَاتٍ فَتَعَارَفَا ثم رجعا الى الهند فاتخذوا مَغَارَةً يَأْوِيَانِ فِيهَا وَوَلَدَتْ حَوَّاءُ لآدَمَ أَرْبَعِينَ وَلَدًا فِي عِشْرِينَ بَطْنًا، وَبِعَرَفَاتٍ مَسَحَ اللَّهُ ظَهْرَ آدَمَ فَأَخْرَجَ جَمِيعَ ذُرِّيَّتِهِ فَنَشَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلا فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: دَاوُدُ. قَالَ: كَمْ عُمْرُهُ؟ قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً. قَالَ: فَزِدْهُ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ. فَلَمَّا انْقَضَى عُمْرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فقال: أو لم يبقى من عمري أربعون سنة؟ قال: أو لم تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟ قَالَ: مَا فَعَلْتُ. فَأَتَمَّ الله

<<  <  ج: ص:  >  >>