للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّمَاءِ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَةَ يَقُولُ: " هَؤُلاءِ عِبَادِي قَضَوْا فَرِيضَةً وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ أُخْرَى ".

وَقَدْ عُظِّمَ الصَّفُّ الأَوَّلُ فَرُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلا أَنْ يَسْتَهِمُوا لاسْتَهَمُوا ".

وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ لَكَانَتْ قُرْعَةً ".

وَقَدْ أَمَرَ الْمُصَلِّيَ بِخَفْضِ رَأْسِهِ اسْتِعْمَالا لأَدَبِ الْخِدْمَةِ فَرَوَى مُسْلِمٌ فِي أَفْرَادِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلاةِ أَوْ لا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ ".

وَأَمَرَ الْمُصَلِّيَ بِالتَّثَبُّتِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، حَدَّثَنَا الْكَرُوخِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي

مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: " لا تجزىء صَلاةٌ لا يُقِيمُ فِيهَا الرَّجُلُ يَعْنِي صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ".

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شَيْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لا يَنْظُرُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى رَجُلٍ لا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ".

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالصَّلاةِ إِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمُ الْمَعْبُودِ، وَتَعْظِيمُهُ لا يَكُونُ إِلا بِحُضُورِ الْقَلْبِ فِي الْخِدْمَةِ. وَقَدْ كَانَ فِي السَّلَفِ مَنْ يَتَغَيَّرُ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ وَيَقُولُ: أَتَرَوْنَ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ أُرِيدُ أَنْ أَقِفَ؟!

وَأَنْتَ تَعَلْمُ أَنَّ مَنْ حَضَرَ قَلْبُهُ فِي تَعْظِيمِ سُلْطَانِهِ فَحَضَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَنْ يَعْرِفُ مَنْ إِلَى جَانِبِهِ امْتَلأَ بِهَيْبَةِ الْمُعَظَّمِ، فَإِذَا أَرَدْتَ اسْتِجْلابَ حُضُورِ قَلْبِكَ الْغَائِبِ فَفَرِّغْهُ مِنَ الشَّوَاغِلِ مَهْمَا اسْتَطَعْتَ.

وَقَدْ كَانَ أَرْبَابُ التَّفَكُّرِ مِنَ السَّلَفِ يُشَاهِدُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ عِبْرَةً، فَيَذْكُرُونَ بِالأَذَانِ نِدَاءَ الْعَرْضِ، وَبِطَهَارَةِ الْبَدَنِ تَطْهِيرَ الْقَلْبِ، وَبِسَتْرِ الْعَوْرَةِ طلب ستر

<<  <  ج: ص:  >  >>