للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا لَهُ مِنْ يَوْمٍ مَا أَعْجَبَ أَحْوَالَهُ وَمَا أَصْعَبُ أَهْوَالَهُ وَمَا أَكْثَرُ أَوْحَالَهُ، مَرِيضٌ طَرْدُهُ لا يُرْجَى لَهُ، ذِكْرُ الْقِيَامَةِ أَزْعَجَ الْمُتَّقِينَ وَخَوْفُ الْعَرْضِ أَقْلَقَ الْمُذْنِبِينَ، وَيَوْمُ الْحِسَابِ أَبْكَى الْعَابِدِينَ، وَأَرَى قَلْبَكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ لا يَلِينُ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُكَارِي عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: وَيْحِي كَيْفَ أَغْفُلُ وَلا يُغْفَلُ عَنِّي، أَمْ كَيْفَ تُهَنِّينِي

مَعِيشَتِي وَالْيَوْمُ الثَّقِيلُ وَرَائِي، أَمْ كَيْفَ لا يَطُولُ حُزْنِي وَلا أَدْرِي مَا فُعِلَ فِي ذَنْبِي، أَمْ كَيْفَ أُؤَخِّرُ عَمَلِي وَلا أَعْلَمُ مَتَى أَجَلِي، أَمْ كَيْفَ يَشْتَدُّ عَجَبِي بِالدُّنْيَا وَلَيْسَتْ بِدَارِي، أَمْ كَيْفَ أَجْمَعُ لَهَا وَفِي غَيْرِهَا قَرَارِي، أَمْ كَيْفَ تَعْظُمُ رَغْبَتِي فِيهَا وَالْقَلِيلُ مِنْهَا يَكْفِينِي، أَمْ كَيْفَ آمَنُ فِيهَا وَلا يَدُومُ فِيهَا حَالِي، أَمْ كَيْفَ يَشْتَدُّ حِرْصِي عَلَيْهَا وَلا يَنْفَعُنِي مَا تَرَكْتُ مِنْهَا بَعْدِي، أَمْ كَيْفَ أُؤْثِرُهَا وَقَدْ ضَرَّتْ مَنْ آثَرَهَا قَبْلِي، أَمْ كَيْفَ لا أَفُكُّ نَفْسِي مِنْ قَبْلِ أَنْ يُغْلَقَ رَهْنِي.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، أَنَّ أُمَّهُ عَثَّامَةَ كَفَّ بَصَرُهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا ابْنُهَا يَوْمًا وَقَدْ صَلَّى فَقَالَتْ: أَصَلَّيْتُمْ أَيْ بُنَيَّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَتْ:

(عثام مالك لاهِيَهْ ... حَلَّتْ بِدَارِكِ دَاهِيَهْ)

(ابْكِي الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا ... إِنْ كُنْتِ يَوْمًا بَاكِيَهْ)

(وَابْكِي الْقُرْآنَ إِذَا تُلِي ... أَنْ كُنْتِ يَوْمًا تَالِيَهْ)

(تَتْلِينَهُ بِتَفَكُّرٍ ... وَدُمُوعُ عَيْنِكِ جَارِيَهْ)

(فَالْيَوْمَ لا تَتْلِينَهُ ... إِلا وَعِنْدَكِ تَالِيَهْ)

(لَهْفِي عَلَيْكِ صَبَابَةً ... مَا عِشْتُ طُولَ حَيَاتِيَهْ)

يَا غَافِلا عَنِ الْقِيَامَةِ سَتَدْرِي بِمَنْ تَقَعُ النَّدَامَةُ، يَا مُعْرِضًا عَنِ الاسْتِقَامَةِ أَيْنَ وَجْهُ السَّلامَةِ، يَا مبنيا بِالْقُدْرَةِ سَيُنْقَضُ بِنَاؤُكَ، وَيَا مُسْتَأْنِسًا بِدَارِهِ سَتَخْلُو

<<  <  ج: ص:  >  >>