للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضَيْنَا عَلَيْهِ بِالشَّقَاءِ أَهْلَكْنَا، فَهُوَ أَسِيرُ الْبُعْدِ وَطَرِيدُهُ، وَمَنْ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى فَنَحْنُ نُنْعِمُ عَلَيْهِ وَنُفِيدُهُ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نعيده} .

يَوْمٌ كُلُّهُ أَهْوَالٌ، شُغْلُهُ لا كَالأَشْغَالِ، يَتَقَلْقَلُ فِيهِ الْقَلْبُ وَالْبَالُ، فَتَذْهَلُ عُقُولُ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، وَمِنْ شِدَّةِ ذَلِكَ الْحَالِ لا يُنَادِي وَلِيدَهُ.

تَجْرِي الْعُيُونُ وَابِلا وَطَلا، وَتَرَى الْعَاصِيَ يَقْلَقُ وَيَتَقَلَّى، وَيَتَمَنَّى الْعَوْدَ فَيُقَالُ: كَلا، وَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ لا نُرِيدُهُ. تَخْشَعُ فِيهِ الأَمْلاكُ، وَتَطِيرُ فِيهِ الضُّحَّاكُ، وَيَعِزُّ عَلَى الْمَحْبُوسِ الْفِكَاكُ، فأما المؤمن التقي فذاك عبده.

إِخْوَانِي: ارْجِعُوا بِحُسْنِ النُّزُوعِ وَالأَوْبَةِ، وَاغْسِلُوا بِمِيَاهِ الدُّمُوعِ مَاضِيَ الْحَوْبَةِ، وَقَدْ نَصَبْنَا لِلْمُذْنِبِ شَرَكَ التَّوْبَةِ، أَفَتُرَى الْيَوْمَ تَصِيدُهُ.

يَا مَنْ لا يَزَالُ مُطَالِبًا مَطْلُوبًا، يَا مَنْ أَصَبْحَ كُلُّ فِعْلِهِ مَحْسُوبًا، إِنْ حَرَّكَكَ الْوَعْظُ إِلَى التَّوْبَةِ صِرْتَ مَحْبُوبًا، وَإِنْ كَانَ الشَّقَا عَلَيْكَ مَكْتُوبًا فَمَا يَنْفَعُ تَرْدِيدُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>