للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلا رَفَعَ اللَّهُ لَكَ بِهَا دَرَجَةً أَوْ حط أوقال وَحَطَّ - شَكَّ مَهْدِيٌّ - عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: خَرَجْنَا غَازِينَ فِي الْبَحْرِ فَبَيْنَمَا نَحْنُ وَالرِّيحُ لَنَا طَيِّبَةٌ وَالشِّرَاعُ لَنَا مَرْفُوعٌ، فَسَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي: يَا أَهْلَ السَّفِينَةِ قِفُوا أُخْبِرْكُمْ حَتَّى وَالَى بَيْنَ سَبْعَةِ أَصْوَاتٍ. قَالَ أَبُو مُوسَى: فَقُمْتُ عَلَى صَدْرِ السَّفِينَةِ فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ أو ما تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَهَلْ نَسْتَطِيعُ وُقُوفًا؟ فَأَجَابَنِي الصَّوْتُ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِقَضَاءٍ قَضَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى أَخْبِرْنَا. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَضَى عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ عَطَّشَ نَفْسَهُ للَّهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَرْوِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ: فَكَانَ أَبُو مُوسَى يَتَوَخَّى ذَلِكَ الْيَوْمَ الْحَارَّ الشَّدِيدَ الْحَرِّ الَّذِي يَكَادُ يَنْسَلِخُ فِيهِ الإِنْسَانُ فَيَصُومُهُ!

وَاعْلَمْ أَنَّ لِلصَّوْمِ آدَابًا مِنْهَا: كَفُّ النَّظَرِ وَاللِّسَانِ عَنِ الْفُضُولِ، وَالإِفْطَارُ عَلَى الْحَلالِ وَتَعْجِيلِهِ، وَأَنْ يُفْطِرَ عَلَى تَمْرٍ. قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: إِذَا صَامَ الإِنْسَانُ زَاغَ بَصَرُهُ فَإِذَا أَفْطَرَ عَلَى حَلاوَةٍ عَادَ بَصَرُهُ.

وَيَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ: اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ. وَيُسْتَحَبُّ السَّحُورُ وَتَأْخِيرُهُ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلا يَجْهَلْ وَلا يَرْفُثْ فَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ ".

وَقَدْ لا تُخْلَصُ النِّيَّةُ وَلا يَحْصُلُ الأَجْرُ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ ".

فَأَمَّا مَا يُسْتَحَبُّ صِيَامُهُ فَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ يَصُومُونَ الْمُحَرَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>