للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَشِيرَةِ عَلَى مُوَافَقَةِ الْهَوَى بِدَخَنِ الضَّمِيرِ، كَانُوا يَمِيلُونَ عَلَى الدُّنْيَا بِالذَّمِّ فَصَارَ الْمَيْلُ إِلَيْهَا بِالْقَلْبِ، تَمَالَئُوا عَلَى حُبِّهَا وَمَالُوا، فَإِذَا فَرَّتْ عَنْ صَدِيقِهِمْ أَعْرَضُوا وَمَالُوا، فَافْتَحْ بَصَرَ الْبَصِيرَةِ فَعَلَى هَذَا تَرَاهُمْ، ثُمَّ الْتَفِتْ عَنْهُمْ وَإِيَّاكَ وَإِيَّاهُمْ:

(اسْمَعِي مِنِّي أَبُثَّكِ شَانِي ... إِنَّمَا يُبْدِي ضَمِيرِي لِسَانِي)

(كَمْ أَخٍ لِي كَانَ مِنِّي فَلَمَّا ... أَنْ رَأَى الدَّهْرَ جَفَانِي قَدْ جَفَانِي)

(لَمْ يُرِعْنِي غَيْرَ خِلٍّ غَادِرٍ ... مُوتِرٍ نَحْرِي لِقَوْسِ الزَّمَانِ)

(مُسْتَعِدٍّ لِي بِسَهْمٍ عِنْدَمَا ... أَنْ رَأَى الدَّهْرَ رَمَانِي قَدْ رَمَانِي)

كَانَ الأَخُ فِي اللَّهِ يَخْلُفُ أَخَاهُ فِي أَهْلِهِ إِذَا مَاتَ أَرْبَعِينَ سَنَةً! وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ شَيْنَ أَخِيهِ طَلَبَ حَاجَتَهُ مِنْ غَيْرِهِ.

خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَدَخَلُوا مَسْجِدًا فِي بَعْضِ الْمَفَاوِزِ وَالْبَرْدُ شَدِيدٌ وَلَيْسَ لِلْمَسْجِدِ بَابٌ، فَلَمَّا نَامُوا قَامَ إِبْرَاهِيمُ فَوَقَفَ عَلَى الْبَابِ إِلَى......

الصَّبَاحِ، فَقِيلَ لَهُ: لَمْ تَنَمْ؟ فَقَالَ: خَشِيتُ أَنْ يُصِيبَكُمُ الْبَرْدُ فَقُمْتُ مَقَامَ الْبَابِ!

وَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى بَيْتِ صَدِيقٍ لَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: علي أربعمائة دِرْهَمٍ فَدَخَلَ الدَّارَ فَوَزَنَهَا ثُمَّ خَرَجَ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ عَادَ إِلَى الدَّارِ بَاكِيًا فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ: هَلا تَعَلَّلْتَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ إِعْطَاؤُهُ يَشُقُّ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا أَبْكِي لأَنِّي لَمْ أَفْتَقِدْ حَالَهُ فَاحْتَاجَ أَنْ يَقُولَ لِي ذَلِكَ!

(هَلْ تُحِسَّانِ لِي رَفِيقًا رَفِيقًا ... أَوْ تُصِيبَانِ لِي صَدِيقًا صَدُوقَا)

(قَدْ فَشَا الْغَدْرُ وَالْخِيَانَةُ فِي النَّاسِ ... فَمَا إِنْ رَأَى رَفِيقًا شَفِيقَا)

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بِسَنَدِهِ عَنْ رَبَاحِ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ: جَاءَ فَتْحٌ الْمَوْصِلِيُّ إِلَى مَنْزِلِ صَدِيقٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ عِيسَى التَّمَّارُ فلم يجده في المنزل، فقال للخادمة: أَخْرِجِي لِي كِيسُ أَخِي. فَأَخْرَجَتْهُ فَفَتَحَهُ فَأَخَذَ منه درهمين. وجاء عيسى فأخبرته الخادمة فَقَالَ: إِنْ كُنْتِ صَادِقَةً فَأَنْتِ حُرَّةٌ. فَنَظَرَ فَإِذَا هِيَ صَادِقَةٌ. فَعَتَقَتْ!

<<  <  ج: ص:  >  >>