للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: نِعْمَ صَوْمَعَةُ الرَّجُلِ بَيْتُهُ يَكُفُّ فِيهَا بَصَرَهُ وَلِسَانَهُ، وَإِيَّاكُمْ وَالسُّوقَ فَإِنَّهَا تُلْهِي وَتُلْغِي.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْلا مَخَافَةُ الْوَسْوَاسِ لَرَحَلْتُ إِلَى بِلادٍ لا أَنِيسَ بِهَا، وَهَلْ يُفْسِدُ النَّاسَ إِلا النَّاسُ!

كَانَ أَبُو جَهْمٍ الأَنْصَارِيُّ بَدْرِيًّا وَكَانَ لا يُجَالِسُ النَّاسَ وَكَانَ يَعْتَزِلُ فِي بَيْتِهِ، فَقَالُوا لَهُ: لَوْ جَالَسْتَ النَّاسَ وَجَالَسُوكَ؟ فَقَالَ: وَجَدْتُ مُقَارَبَةَ النَّاسِ شَرًّا.

وَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي إِنْسَانًا يَكُونُ فِي مَالِي ثُمَّ أُغْلِقُ عَلَيَّ بَابًا فَلا يَدْخُلُ عَلَيَّ أَحَدٌ حَتَّى أَلْحَقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: صَوَامِعُ الْمُؤْمِنِينَ بُيُوتُهُمْ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ سِيرِينَ: الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يُطِيلُ الصَّمْتَ وَيَهْرُبُ مِنَ النَّاسِ فَاقْرُبُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ يُلَقَّى الْحِكْمَةَ.......

وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي دَهْرَشٍ إِذَا رَأَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ بَثُّهُ وَقَالَ: الآنَ أَصِيرُ مَعَ النَّاسِ فَلا أَدْرِي مَا أَجْنِي عَلَى نَفْسِي!

وَقَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ: فِرَّ مِنَ النَّاسِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ.

وَأَوْصَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لا تُخَالِطَ فِي زَمَانِكَ هَذَا أَحَدًا فَافْعَلْ، وَلْيَكُنْ هَمُّكَ مَرَمَّةَ جَهَازِكَ.

وَكَانَ يَقُولُ: هَذَا زَمَانُ السُّكُوتِ وَلُزُومِ الْبُيُوتِ.

وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْفُضَيْلِ فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكَ إِلَيَّ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُكَ وَحْدَكَ. فَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَقُومَ عَنِّي وَإِمَّا أَنْ أَقُومَ عَنْكَ. فَقَالَ: أَنَا أَقُومُ أَوْصِنِي. فَقَالَ: أَخِفَّ مَكَانَكَ وَاحْفَظْ لِسَانَكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>