للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مبالغ في الاستهزاء]

قال ابن بشكوال (١): ذكر قاسم بن أحمد في (كتاب العباد) من تأليفه: قال أبو عبد الله بن الطويل: كان لشيبان الزاهد - رحمه الله تعالى - جار يعرف بابن الصيقل، وكانت له دار تلاصق دار إبراهيم بن عيسى بن حيوية الفقيه، فسأله بيعها فأبى عليه وقال له: إن مالك غير طاهر، وهذه دويرة حلال ورثتُها عن أبي وجدي. فألحَّ عليه في بيعها فأبى، فقال له: والله لئن لم تأخذ الثمن فيها لأضيِّقنَّ عليك فيها حتى تفر منها. قال: أرجو أن الله يدفع عني ضرك بدعاء الإخوان. قال: نعم، إذا أردت أن تدعو الله فاجتمع بشيبان وحسان وادعو الله في تلك الصومعة؛ فإنها أقرب إلى الله.

فقال: كذلك نفعل إن شاء الله. فنهض الرجل من وقته إلى شيبان وحسان - رحمهما الله - فأعلمهما بمقالة ابن حيوية فقالا: نعم، كذلك نفعل إن شاء الله تعالى. فلما أتى الليل باتوا في الصومعة وصلَّوا ودعوا، فلما كان السحر سمعوا صراخًا وبكاءً، فإذا بابن حيوية قد مات في ذلك السحر، وأجاب الله - تعالى - دعاءهما فيه، وكفى الله تعالى الرجل والمسلمين ضرَّه، وانتشر هذا


(١) ابن بشكوال: الإمام العالم الحافظ الناقد المجوِّد محدِّث الأندلس: خلف ابن عبد الملك بن مسعود الأنصاري الأندلسي، ولد سنة أربع وتسعين وأربع مئة، قال أبو عبد الله الأبار: كان متسع الرواية شديد العناية بها عارفًا بوجوهها حجة مقدمًا على أهل وقته حافظًا أخباريًا تاريخيًا ذاكرًا لأخبار الأندلس، سمع العالي والنازل ... رحل الناس إليه وأخذوا عنه، وحدثنا عنه جماعة ووصفوه بصلاح الدخيلة وسلامة البطن وصحة التواضع وصدق الصبر للطلبة وطول الاحتمال، توفي سنة ثمان وسبعين وخمس مئة. [السير للذهبي (٢١/ ١٣٩ - ١٤٣)].

<<  <   >  >>