للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انصرف راشدًا

لما حُمل ذو النون المصري (١) إلى العراق، وأدخل على الواثق (٢)، أعد السيف والنطع، فلما عاينه أدناه وقرَّبه وقال: مرحبًا بك. ودعا له بغالية فطيبه بيده وقال: أتعبناك يا أبا الفيض، انصرف راشدًا. فقال الوزير: فعلتَ بهذا المصري ما لم تفعله بأحد. فقال: ويحك، إن لم أفعل ما رأيت لظننت أني أوخذ. فقال الوزير: قد رأيتُه والله يحرك شفتيه، أفتأذن لي عن سؤاله في ذلك؟ فقال: نعم. فسأله، فذكر الدعاء الذي قاله (٣).

* * *


(١) ثوبان بن إبراهيم يكنى أبا الفيض: ولد في أواخر أيام المنصور، قال السلمي: حملوه على البريد من مصر إلى المتوكل ليعظه في سنة ٢٤٤هـ، وكان إذا ذكر بين يدي المتوكل أهل الورع بكى. توفي سنة خمس وأربعين ومائتين. [السير للذهبي (١١/ ٥٣٢ - ٥٣٦)].
(٢) هارون بن المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد: مولده في سنة ست وتسعين ومئة، ولي الأمر بعهد من أبيه في سنة ٢٢٧ هـ، قال الخطيب: استولى أحمد بن أبي دواد على الواثق وحمله على التشدد في المحنة والدعاء إلى خلق القرآن، قيل أنه رجع عن ذلك قبيل موته، وفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين قتل أحمد بن نصر الخزاعي الشهيد ظلمًا، وأمر بامتحان الأئمة والمؤذنين بخلق القرآن، وافْتَكَّ من أسر الروم أربعة آلاف وست مائة نفس، فقال ابن أبي دواد: من لم يقل "القرآن مخلوق" فلا تكفوه. مات سنة اثنتين وثلاثين ومئتين. [السير للذهبي (١٠/ ٣٠٦ - ٣١٤)].
(٣) انظر: الدعاء المأثور وآدابه للحافظ أبي بكر الطرطوشي، ص١٥٦ بتصرف.

<<  <   >  >>