للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدامغاني وأبو علي الشاشي وأبو عبد الله البصري فقالوا: هذا مرض يحتاج إلى نفقة وعلاج، والشيخ مُقلٌّ ولا ينبغي أن نبذله للناس. فكتبوا إلى سيف الدولة بن حمدان (١)، فأحس الشيخ بما هم فيه فبكى وقال: اللهم لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني. فمات قبل أن يحمل إليه شيءٌ، ثم جاء من سيف الدولة عشرة آلاف فتصدق بها عنه (٢).

* * *

[دعا الله - تعالى - فأعانه]

عن هارون بن عبد العزيز قال: قال أبو جعفر (يعني الإمام محمد بن جرير الطبري) (٣) استخرت الله وسألتُه العون على ما نويتُه


(١) سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان: صاحب حلب، فارس الإسلام، مولده في سنة إحدى وثلاث مئة، وكان أديبًا مليح النظم، فيه تشيع، توفيت أخته فخلفت له خمس مائة ألف دينار فافتكَّ بجميعها أسرى، وله غزو ما اتفق لمَلك غيره، وكان يضرب بشجاعته المثل، وله وقع في النفوس؛ فالله يرحمه، مات سنة ست وخمسين (وثلاث مئة)، وكان قد جمع من الغبار الذي يقع عليه وقت المصفات ما جبل في قدر الكف، وأوصى أن يوضع على خده. [السِّير للذهبي (١٦/ ١٨٧ - ١٨٩)].
(٢) سير أعلام النبلاء للذهبي (١٥/ ٤٢٦ - ٤٢٧).
(٣) محمد بن جرير: الإمام العلم المجتهد عالم العصر الطبري صاحب التصانيف البديعة، من أهل آمل طبرستان، مولده سنة أربع وعشرين ومئتين، وأكثر الترحال، ولقي نبلاء الرجال، وكان من أفراد الرجال علمًا وذكاء وكثرة تصانيف، قل أن ترى العيون مثله، واستقر في آخر أمره ببغداد، وكان ربما أهدى إليه بعض أصدقائه الشيء فيقبله ويكافئه أضعافًا لعظم مروءته، وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد؛ فأما أهل الدين والعلم فغير منكرين علمه وزهده في الدنيا ورفضه لها رحمه الله، توفي سنة عشر وثلاث مئة. [السير للذهبي (١٤/ ٢٦٧ - ٢٨٢)].

<<  <   >  >>