للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرطبي كتابًا في أخبار علماء قرطبة ذكر فيه بقيّ بن مخلد (١) إلى أن قال: وذكر عبد الرحمن بن أحمد عن أبيه أن امرأة جاءت إلى بقي فقالت: إن ابني في الأسر ولا حيلة لي؛ فلو أشرت إلى من يفديه فإنني والهة. قال: نعم، انصرفي حتى أنظر في أمره. ثم أطرق وحرَّك شفتيه، ثم بعد مدة جاءت المرأة بابنها فقال: كنت في يد ملك فبينا أنا في العمل سقط قيدي. قال: فذكرت اليوم والساعة، فوافق وقت دعاء الشيخ. قال: فصاح على المرسم بنا ثم نظر وتحيَّر ثم أحضر الحداد وقيدني، فلما فرغه ومشيت سقط القيد فبهتوا ودعوا رهبانهم فقالوا: ألك والدة؟ قلت: نعم. قالوا: وافق دعاؤها الإجابة. هذه الواقعة حدَّث بها الحافظ حمزة السهمي عن أبي الفتح نصر بن أحمد بن عبد الملك، قال: سمعت عبد الرحمن بن أحمد، حدثني أبي ... فذكرها، ثم قالوا: قد أطلقك الله، فلا يمكننا أن نقيدك فزودني وبعثوا بي» (٢).

وقال أبو بكر الطرطوشي: «جاءت امرأة إلى بقي بن مخلد وهو


(١) بقي بن مخلد بن يزيد: الإمام الأندلسي القرطبي الحافظ، صاحب التفسير والمسند الذي لا نظير لهما، ولد في حدود سنة مئتين، وكان إمامًا مجتهدًا صالحًا ربَّانيًّا صادقًا مخلصًا رأسًا في العلم والعمل عديم المثل منقطع القرين، يفتي بالأثر ولا يقلد أحدًا، قال ابن لبابة الحافظ: كان بقيٌّ من عقلاء الناس وأفاضلهم، وكان أسلم بن عبد العزيز يُقدِّمه على جميع من لقبه بالمشرق ويصف زهده ويقول: ربما كنت أمشي معه في أزقَّة قرطبة، فإذا نظر في موضع خال إلى ضعيف محتاج أعطاه أحد ثوبيه، توفي سنة ست وسبعين ومئتين. [السير للذهبي (١٣/ ٢٨٥ - ٢٦٩)].
(٢) سير أعلام النبلاء للذهبي ١٣/ ٢٨٩ - ٢٩٠.

<<  <   >  >>