مرفوعٌ، ويكون أيضًا في أثنائه، وفي آخره، وهو الأكثر؛ إلى آخره كحديث ابن مسعودٍ:«أنَّه ﷺ علَّمه التَّشهُّدَ في الصَّلاة، فقال: التَّحيَّات لله … »[خ¦٨٣١] أدرج فيه
ابن زيد بلفظ «من مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ»، قال: وكان عروة يقول: «إذا مسَّ رفْغيه أو أنثييه أو ذكره فليتوضأ»، فعُروة فَهِم من لفظ الخبر أن سبب نقض الوضوء مظنَّةُ الشهوةِ فجعل حُكم ما قرب من الذَكَر كذلك فقال ذلك، فظنَّ بعضُ الرواة أنَّه مِن وَصْلِ الخبر فنقله مُدرجًا فيه، وفَهِم الآخرون حقيقة الحال ففَصَلوه. انتهى.
قوله:(وَيَكُوْنُ أَيْضًا فِيْ أَثْنَائِهِ) تركَ التمثيل له، ومن أمثلته حديث عائشة في بدء الوحي وهو قول الزهري فيه:(وهو التعبد الليالي … ) إلى آخره، وقد قدمناه لك آنفًا.
قوله:(وَهُوَ الْأَكْثَرُ)؛ أي: من وقوعه أوله أو أثناءه، وفي الأثناء قليلٌ بالنسبة للمدرج في الآخر، كثيرٌ بالنسبة للمدرج في الأول، فإنَّه في الأول نادر جدًا حتى قال الحافظ ابن حجر: لم يوجد منه غير خبر «أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، وَيْلٌ … » إلى آخره إلَّا ما وقع في بعضِ طُرقِ خبر بُسرة المارِّ عندَ الطبراني بلفظ «مَنْ مَسَّ رُفْغَيْهِ … » إلى آخره.
تنبيهان:
الأول: يُعرف الإدراجُ بورودهِ مُفَصَّلًا في رواية أخرى، أو بالتنصيص على ذلك من الراوي وبعض الأئمة المطَّلعين كما يُعلم مما سبق، أو باستحالة كونه ﷺ يقول ذلك كما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا:«لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ أَجْرَانِ، وَالَّذِي نَفْسيْ بِيَدِهِ لَوْلَا الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وأنا مَمْلُوكٌ»، فقوله:(والذي نفسي بيده … ) إلى آخره، مُدْرَجٌ من كلام أبي هريرة؛ لأنَّه يمتنع منه ﷺ أن يتمنى الرِّقَّ، ولأنَّ أمه لم تكن إذ ذاك موجودةً حتى يَبَرَّهَا.
الثاني: لا يجوزُ تعمد الإدراج في متن أو سند لتضمنه عزو القول لغير قائله إلَّا ما كان لتفسير غريبٍ كما فعله الزهري وغيره من الأئمة، كذا ذكره أئمة الحديث، قلت: استثناء تفسير الغريب يقتضي أنَّه إذا كان الإدراج لفائدةٍ لا يضرُّ وحينئذ فيظهرُ قياس ما يُدرجه الراوي المجتهد قياسًا على المذكور؛ كما تقدَّم في حديث:«مَنْ مَسَّ أُنْثَيَيْهِ … » إلى آخره، فإنَّه وإن لم يصادف الحق ففضلًا عن كونه لا يُعاقب به، له فيه أجرٌ، فلينظر.