أو في ضبطه مُطلَقًا، أو في ضبطه لخبرٍ بعينه؛ لأنَّ الأسباب الحاملة للأئمَّة على الجرح متفاوتةٌ، منها ما يقدح ومنها ما لا يقدح.
وقد كان أبو الحسن المقدسيُّ يقول في الرَّجل الذي يُخرَّجُ عنه في «الصَّحيح»: هذا جاز القنطرة؛ يعني: أنَّه لا يُلتَفت إلى ما قِيلَ فيه. وأمَّا الأحاديث التي انتُقِدت عليهما فأكثرها لا يقدح في أصل موضوع الصَّحيح، فإنَّ جميعها واردةٌ من جهةٍ أخرى، وقد عُلِمَ أنَّ الإجماع واقعٌ على تلقِّي كتابيهما بالقبول والتَّسليم، إلَّا ما انتُقِد عليهما فيه. والجواب عن ذلك على سبيل الإجمال.
أنَّه لا ريب في تقديم الشَّيخين على أئمَّة عصرهما ومن بعده في معرفة الصَّحيح والمُعلَّل (١)،
قوله: (مُطْلَقًا)؛ أي: في جميع رواياته.
قوله: (وَمِنْهَا مَا لَاْ يَقْدَحُ)؛ أي: فيُظنُّ قادحًا وليس كذلك كما تقدمَ تفصيله، فلذا كان الجرح غير مقبولٍ إلَّا مفسرًا.
قوله: (وَأَمَّا الأَحَادِيْثُ … ) إلى آخره، هذه عبارةٌ غير ظاهرةٍ من وجوه:
الأول: أن مُرَادَهُ (وَأَمَّا الجَوَابُ عَنْ الأَحَادِيْثِ … ) إلى آخره، كما هو الظاهرُ فيتكرر مع سابقه.
والثاني: أن قَوْلَهُ (فَإِنَّ جَمِيْعَهَا … ) إلى آخره، الظاهرُ أنَّه تعليلٌ لقوله: (فَأَكْثَرُهَا لَاْ يَقْدَحُ … ) إلى آخره، الذي جعلهُ جوابَ الشرطِ فيكونُ هو الجواب عن الانتقاد له، وهو مع ما فيه ممَّا يتضح لك من عبارة «الفتح» غير مُلائمٍ له إذ المعلَّل الأكثر، وعلى ظاهر عبارته فلا يجري إلَّا لو كان النقدُ من حيث عدمُ الورودِ من جهة أخرى في الجميع، وما ذلك إلَّا في البعض فضلًا عن الأكثر.
والثالث: قوله: (إِلَّا مَا انْتُقِدَ عَلَيْهِمَا فِيْهِ) فإنَّ الظاهر من عبارته أنَّ قوله قبل (وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الإِجْمَاعَ … ) إلى آخره، تتمةٌ للجوابِ عمَّا انتقد فما معنى استثناء (ما انتُقِدَ) في الجواب عما انتُقِدَ.
والرابع: أنَّ قوله بعد: (وَالجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ لَا مَعْنَى لَهُ) بعد قوله: (وَأَمَّا الأَحَادِيْثُ … ) إلى آخره، على ما سمعتَ من أنَّ المراد (وَأَمَّا الجَوَابُ عَنْ الأَحَادِيْثِ … ) إلى آخره، وعبارةُ «الفتح» سليمةٌ من ذلك كلِّهِ، ونَصُّهَا.
الفصل الثامن: في سياقِ الأحاديثِ التي انتقدها عليه حافظُ عصره أبو الحسن الدَّارَقُطني وغيره
(١) في (د): «العليل»، وفي (م): «العلل».