في ذكر نسب البخاريِّ، ونسبته، ومولده، وبَدْء أمره، ونشأته وطلبه للعلم، وذكر بعض
(الفصل الخامس)
قوله:(فِيْ ذِكْرِ نَسَبِ البُخَارِي)؛ أي: وصلته بالقرابة؛ المراد ذكر آبائه، في «المصباح»: نسبتُه إلى أبيه نَسَبًا من باب طَلَبَ: عزوته إليه، وانتسب إليه اعتزى، والاسم النِّسبة بالكسر، فتجمع على نِسَبٍ مثل سِدرة وسِدَر، وقد تضم فتُجمع مثل غُرفة وغُرف.
قال ابن السِّكِّيتِ: ويكون من قِبل الأب ومن قِبل الأم، ويُقال: نسبه في تميم؛ أي: هو منهم والجمع أنساب، مثل سبب وأسباب، ثم قال: ثم استُعْمِلَ النَّسَب -وهو المصدر- في مطلق الوصلة بالقرابة، فيُقال: بينهما نَسَبٌ؛ أي: قرابةٌ، وسواءٌ جاز بينهما التناكح أو لا، ومن هنا اسْتُعيرت النسبة في المقادير؛ لأنها وصلةٌ على وجه مخصوص، فقالوا: تؤخذ الديون من التركة والزكاة من الأنواع بنسبة الحاصل؛ أي: بحسابه ومقداره ونسبة العشرة إلى المئة العُشر؛ أي: مقدارها العشر، والمناسب القريب وبينهما مناسبة، وهذا يناسب هذا؛ أي: يقاربه شَبهًا. انتهى.
قوله:(وَنِسْبَتِهِ)؛ أي: انتسابه إلى بلده مثلًا، ويُنسب الشيء إلى ما يوضحه ويميزه من أبٍ وأم وحي وقبيلة وبلدة وصناعة وغير ذلك، فيؤتى فيه بالياء، فيقال مكيٌّ وعلويٌّ وتركيٌّ، وتقدم أنَّ الأنسب تقديم القبيلة على البلد، فيُقال: القرشي المكي، وذلك؛ لأنَّ النسبة إلى الأب صفة ذاتية ولا كذلك النسبة إلى البلد فكان الذاتي أولى، وقيل: لأنَّ العربَ إنَّما كانتْ تَنتسب إلى القبائل ولكن لما سكنت الأرياف والمدن استعارت من العجم والنَّبَط الانتساب إلى البلدان، فكان عُرفًا طارئًا، والأول هو الأصل عندهم فكان أولى بالتقديم.
قوله:(وَمَوْلِدِهِ) بكسر اللام، يقال لموضع الولادة ووقتها، وأما الميلاد فللوقت لا غير.
قوله:(وَنَشْأَتِهِ) من نشأ الشيء، نشأ مهموز من باب نَفَعَ: حدث وتجدد، والاسم النشأة والنشاءة وزان التمرة والضلالة. انتهى «مصباح».