للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنَّها لا تحتاج لغير مقابلة نَسْخِهِ بأصول الشَّيخ، وقال عياضٌ: تصحُّ بعد تصحيح روايات الشَّيخ ومسموعاته وتحقيقها، وصحَّة مطابقة كتب الرَّاوي لها، والاعتماد على الأصول المُصحَّحة، وكتب بعضهم لمن عُلِمَ منه التَّأهيل: أجزت له الرِّواية عنِّي، وهو لما عُلِمَ من إتقانه وضبطه غنيٌّ عن تقييدي ذلك بشرطه. انتهى.

وليُصلِح النِّيَّة في التَّحديث؛ بحيث يكون مخلصًا

قوله: (الطُّبْنِي) بضم الطاء وسكون الموحدة ثم نون، نسبة إلى طُبْنة مدينة بالغرب، كذا في تبصير (١) المنتبه لابن حجر.

قوله: (لِمَا عُلِمَ) علة مقدَّمة على معلولها وهو (غَنِيٌّ … ) إلى آخره.

تنبيه: ينبغي للمُجيز بالكتابة أن يتلفظ بها أيضًا، فإن اقتصر على الكتابة مع قصد الإجازة صحت؛ لأنَّ الكتابة كناية، وتكون حينئذ دون الملفوظ بها في الرتبة، فإن لم يقصد الإجازة فقال العراقي: الظاهر عدم الصحة، وقال ابن الصلاح: لا يستبعد صحتها في باب الرواية التي جعلت فيه القراءة على الشيخ مع أنَّه لم يلفظ بما قُرئ عليه إخبارًا منه بذلك، كذا ذكره الحافظ السيوطي وسكت عليه.

وأقول: يظهرُ لي الفرقُ بأنَّ سكوت الشيخ حالَ القراءة عليه إقرارٌ منه، وهو كالفعل في أحكامه فلا غَرر وكانَ سكوته كإخباره، بخلاف الكتابةِ الخليةِ عن القصد، فليس فيها إشعارٌ بذلك الغرضِ أنَّه علم عدم نية المجيز بإخباره مثلًا، وإنَّما الأعمال بالنيات فكانت الكتابة بدون قصد الإجازة كلا كتابة، ثم الظاهر أنَّه إذا لم يُعلم عدم القصد صحت الإجازة والرواية بها عملًا بالظاهر، ولا يشترط القبول في الإجازة كما صرَّح به البُلقيني فلو رُدَّ، فقال الجلال السيوطي: الذي ينقدحُ في النفس الصحةُ، كما لو رجع الشيخ عن الإجازة.

قوله: (وَلْيُصْلِحِ النِّيَّةَ … ) إلى آخره، شُرُوْعٌ في آدابِ الحديثِ:

واختلف في السِّن الذي يحسن أن يتصدى فيه له: فقال ابن خلَّاد: إذا بلغَ الخمسينَ ولا يُنكر عند الأربعين؛ لأنَّها حدُّ الاستواء ومنتهى الكمال وعندها ينتهي عزم الإنسان وقوته ويتوفر عقله ورأيه. انتهى.

وَرُدَّ ذلكَ بأنَّ كثيرًا من السلف والخلف حدَّثوا وهم دون ذلك؛ فقد حدَّثَ مالك وهو ابن سبع


(١) في المطبوع: تبصيرة.

<<  <   >  >>