وسبق، ويأتي حكمه -إن شاء الله تعالى- في الفصل التَّالي بعون الله ﷾.
والمدلَّس -بفتح اللَّام المشدَّدة- ثلاثةٌ:
أحدها: أن يُسقط اسمَ شيخِه ويرتقي إلى شيخ شيخه أو مَنْ فوقه، فيسند (١) عنه ذلك بلفظٍ
قوله:(وَسَبَقَ وَيَأْتِي حُكْمُهُ) ما سبق هو قوله عند الكلام على الصحيح: (وهو في صحيح البخاري، ويكون مرفوعًا، أو موقوفًا، يأتي البحث فيه إن شاء الله في الفصل التالي).
وحُكمه حكم الصحيح إذا وقع في كتاب التزمتْ صحتُه، ورُوي: بصيغة الجزم كقال وفعل وأمر ونهى وذكر وحُكيَ بصيغة اسم الفاعل، لا بصيغة التمريض كرُوِيَ أو يُقْالُ أو يُحْكَى أو نحو ذلك بصيغة المبني للمفعول.
قوله:(وَالمُدَلَّس) بفتح اللام المشددة مشتقٌ من الدَّلَس بالتحريك، وهو اختلاط الظلام، ويُطلق أيضًا على الظلمة، سُمي الحديث المذكور بذلك لاشتراكهما في الخفاء؛ لأنَّ الظُلمة تغطي الأشياء عن البصر وتخفيها عنه، ومن أسقط من السند شيئًا فقد غطى ذلك الذي أسقطه؛ أي: أخفاه وستره، وكذا تدليس الشيوخ على ما سيأتي، فإنَّ الراوي يُغطي الوصف الذي يُعرف به الشيخ ويغطي الشيخ بوصفه بغير ما اشتهر به. قوله:(ثَلَاْثَة) فيه نظرٌ، بل إن نظرنا إلى الأنواع فخمسة: تدليس شيوخ، وتدليس إسناد، وتدليس قطع، وتدليس عطف، وتدليس تسوية، وإن نظرنا إلى الأقسام فقسمان فقط، تدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ، وكلها من تدليس الإسناد إلَّا الثالث في كلام الشارح فهو تدليس الشيوخ.
قوله:(أَحَدُهَا: أَنْ يُسْقِطَ اسْمَ شَيْخِهِ)؛ أي: لِصغره أو ضَعْفِهِ ولو عند غيره فقط، ويسمى هذا تدليس الإسناد وكان الأنسب أن يقول: أحدها تدليس الإسناد وهو أن يُسقط … إلى آخره؛ لتَحْسُن مقابلته بقوله فيما يأتي: وثانيها تدليس التسوية، وثالثها تدليس الشيوخ: ثم تسميته النوع المذكور تدليس إسناد هو المذكور في كلامهم، ولم يميزوه من بقية أنواع تدليس الإسناد باسم يخصه كما فعلوا بالبقية ولو سموه تدليس الإسقاط لكان له وجه، قال النووي: من تدليس الإسناد أن يسقط الراوي أداة الرواية مقتصرًا على اسم الشيخ فيقول: فلان، كما رُوِيَ عن علي بن خشرم