ثمَّ القاضي عياض في «الإلماع»، والحافظ القطب أبو بكر بن أحمد القسطلانيُّ في «المنهج المبهج عند الاستماع لمن رغب في علوم الحديث على الاطِّلاع»، وأبو جعفرٍ الميانجيُّ في جزءٍ سمَّاه:«ما لا يَسَعُ المحدِّث جَهْله»، ثمَّ الحافظ أبو عمرو بن الصَّلاح، فعكف النَّاس عليه وساروا بسيره، فمنهم النَّاظم له والمختصر، والمستدرك عليه والمقتصر، والمعارض له والمنتصر، فجزاهم الله تعالى خيرًا.
وإذا عُلِمَ هذا؛ فليُعلَم أنَّهم قسموا السُّنن المضافة له ﷺ -قولًا وفعلًا وَتقريرًا، وكذا وصفًا وخَلْقًا؛ ككونه ليس بالطَّويل ولا بالقصير، وأيَّامًا؛ كاستشهاد حمزة وقَتْلِ أبي جهل-
قوله:(المَنْهَج المُبْهِج) الأوَّل: بالنُّون السَّاكنة بعد الميم المفتوحة بمعنى الطَّريق، والثَّاني: بالميم المضمومة والموحَّدة السَّاكنة والهاء المكسورة وصفٌ له من البهجة وهي الحُسن؛ أي: المُكْسب قارئه البهجة.
قوله:(المَيَانَجِي) بميم فتحتيَّة فنُون مفتوحات، قال ابن أبي شريف: وجيمه بين الجيم والشِّين، نسبة إلى ميانه بلد بقرب أذربيجان، وأبو جعفر هذا هو عمر بن عبد المجيد، وما ذكره الشَّارح من أنَّ كنيته أبو جعفر هو ما ارتضاه السَّيِّد المرتضى كما رأيته منقولًا عنه، وفي «التَّدريب» أنَّ كنيته أبو حفص، والصَّحيح أنَّ هذا غير ذاك، وأنَّ أبا حفص هذا ليس بالجيم بل بالشِّين.
قوله:(فَعَكَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ)؛ أي: لزموه؛ أي: ما صنَّفه في ذلك وهو كتابه المشهور بـ «علوم الحديث»، جَمَعَ ما تفرَّق في غيره فعكف الناس عليه.
قوله:(أَوْ أَيَّامًا) لم نرَ زيادة ذلك لغيره، ولعل مراده به ما أضيف لزمنه ﷺ صراحةً (١)،
(١) كذا قال ﵀، ولعلَّ الأقرب أن يكون المراد: سيرته.