للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذا لكثرة ما في «البخاريِّ» منه، والله سبحانه الموفِّق والمعين.

والشَّاذُّ: ما خالف الرَّاوي الثِّقةُ فيه جماعةَ الثِّقات بزيادةٍ أو نقصٍ، فيُظَنُّ أنَّه وَهِمَ فيه، قال ابن الصَّلاح: الصَّحيحُ التَّفصيلُ، فما خالف فيه المنفرد مَنْ هو أحفظ وأضبط فشاذٌّ مردودٌ، وإن لم يخالف، بل روى شيئًا لم يروِه غيره، وهو عدلٌ ضابطٌ فصحيحٌ، أو غير ضابطٍ، ولا يبعد عن درجة الضَّابط فحسنٌ، وإن بَعُدَ فشاذٌّ منكرٌ، ويكون الشُّذوذ في السَّند؛

قوله: (فِيْ هَذَا)؛ أي: ما تقدم من الاعتبار والمتابعة والاستشهاد.

قوله: (وَالشَّاذُّ) هو لغةً: المنفرد عن الجماعة. واصطلاحًا ما ذكره الشارح.

قوله: (مَا خَالَفَ … فِيْهِ) خرجَ ما لم يُخالف فيهِ غيرَهُ، وإنَّما أتى بشيءٍ انفرد به، وهو الفرد المطلق كما سبق.

وقوله: (الثِّقَةُ) خرجَ الضَّعيف فحديثهُ يُقال له: (منكر)؛ فيفارقُ الشاذُّ المنكرَ بأنَّ المُخالف في الشاذ ثقةٌ، وهذا هو المعتمد في حدِّ الشاذ، وقال الحاكم: هو ما انفرد به الثِّقَةُ وليس له أصلٌ متابعٌ لذلك الثقة، فقيَّدَ بالثقةِ دون المخالفة، وقال الخليلي: هو ما ليس له إلَّا إسناد واحدٌ ثقةٌ أو غير ثقةٍ خالف أو لا، فما انفردَ به الثقةُ لا يُحتج به، لكنَّهُ يصلحُ أن يكون شاهدًا وما انفرد به غير الثقة متروك، وردَّ ما قالاه بأفراد الثقات الصحيحة كحديث: «النهي عن بيع الولاء»، ومن ذلك في الصحيحين كثير.

قوله: (جَمَاعَةَ الثِّقَاتِ) لعلَّ التعبيرَ بالجماعةِ نظرًا للغالب، وإلَّا فلو خالف واحدًا هو أحفظ منه فهو شاذٌّ أيضًا، صرَّحَ به شيخ الإسلام أخذًا من تعليل الشاذ بأنَّ العدد أولى بالحفظ من الواحد، قال: لأنَّ المدار على الحفظ، فمَن خالف مَن هو أحفظ منه يعدُّ شاذًّا.

قوله: (الصَّحِيْحُ التَّفْصِيْلُ) ظاهرهُ أنَّ هذا التفصيل في مُسمَّى الشاذ، وليس كذلك، بل هو فيما يُقبل من أنواعه وما يُردُّ، ثمَّ هذا التفصيل جريًا على ما ذهب إليه ابن الصلاح من ترادف الشاذِّ والمنكر وأنَّه لا يُشترط في الشاذ المخالفة من الثقة، وقد عَلِمْتَ أنَّ الراجحَ خلافه.

قوله: (أَحْفَظُ وَأَضْبَطُ)؛ أي: أو أكثرُ عددًا.

قوله: (وَهُوَ عَدْلٌ ضَابِطٌ)؛ أي: تامُّ العدالةِ والضَّبْطِ.

قوله: (فَشَاذٌّ)؛ أي: ضعيفٌ مردودٌ، وهو على هذا يُجامع المنكر، وعليه فيتحصل من ذلك أنَّ

<<  <   >  >>