وأمَّا إيراده للأحاديث المعلَّقة مرفوعةً وموقوفةً فيوردها تارةً مجزومًا بها؛ كـ «قال» و «فَعَلَ»، فلها حكم الصَّحيح، وغيرَ مجزومٍ بها؛ كـ «يُروَى» و «يُذكَر»، فالمرفوعُ تارةً يوجد في موضعٍ آخرَ منه موصولًا، وتارةً معلَّقًا: فالأوَّل -وهو الموصول- إنَّما يورده معلَّقًا حيث يضيق مخرج الحديث؛ إذ إنَّه لا يكرِّر إلَّا لفائدةٍ، فمتى ضاق المخرج واشتمل المتن على أحكامٍ واحتاج إلى تكريره؛ يتصرَّف في الإسناد بالاختصار خوفَ التَّطويل.
والثَّاني وهو ما لا يوجد فيه إلَّا معلَّقًا: فإمَّا أن يذكره بصيغة الجزم فيُستفاد منه الصِّحَّة عن المضاف إلى من علَّق عنه وجوبًا، لكن يبقى النظر فيمن أبرز من رجال ذلك الحديث؛ فمنه ما يلحق بشرطه، ومنه ما لا يلحق.
فأمَّا الأوَّل: فالسَّبب في كونه لم يُوصِل إسناده؛ لكونه أخرج ما يقوم مقامه، فاستغنى عن إيراده مستوفيًا ولم يهمله، بل أورده معلَّقًا اختصارًا، أو لكونه لم يحصل عنده مسموعًا، أو
والسائبة: العبدُ يُعتَق ولا يكون لمعتقهِ عليه ولاءٌ فيضعُ ماله حيث شاء.
قال ابن فارس: وهو الذي ورد النهي عنه، و (سَيَّبْتُهُ) بالتشديد فهو مُسَيَّبُ وباسم المفعول سُمِّيَ، ومنه سعيد بن المُسَيَّب، وهذا هو الأشهرُ فيهِ، وقيل: اسم فاعل، قاله عياض وابن المَدِيني، وقال بعضهم: أهلُ العراقِ يفتحونَ وأهلُ المدينةِ يكسرونَ، ويحكون عنه أنَّه كان يقول: سَيَّبَ الله من سَيَّبَ أبي. انتهى. وإنَّما نقلته كله لما اشتملَ عليه من الفوائد التي نحن بصددها خصوصًا وعمومًا.
قوله:(إِذْ إِنَّهُ لَا يُكَرِّرُ … ) إلى آخره؛ أي: إن قاعدته كذلك كما عبَّرَ به في «مقدمة الفتح».
قوله:(فَإِمَّا أَنْ يَذْكُرَهُ … ) إلى آخره، أصلُ عبارة «مقدمة الفتح»، والثاني هو: ما لا يوجد فيه إلَّا مُعَلَّقًا فإنَّهُ على صورتين: إمَّا أن يُورده بصيغةِ الجزمِ وإمَّا أن يُورده بصيغة التمريض، فالصيغة