للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفرد: يكون مطلقًا؛ بأن ينفرد الرَّاوي الواحد عَنْ كلِّ واحدٍ من الثِّقات وغيرهم، ويكون

قوله: (الفَرْد … ) إلى آخره، وجهُ التسمية فيه ظاهرٌ.

قوله: (يَكُوْنُ مُطْلَقًا … ) إلى آخره؛ أي: إنَّه ينقسم إلى قسمين: فردٌ مُطلقٌ؛ بأن ينفردَ بهِ راوٍ واحد عن كلِّ أحدٍ، وفردٌ نسبي؛ أي: بالنسبة إلى جهة خاصة وهو أقسام ثلاثة: الأول: المُقيَّد بالثقة، وإليه الإشارة بقوله (مَا قُيِّدَ بِثِقَةً).

الثاني: المُقَيَّدُ بأهلِ بلدٍ مخصوصٍ كمكة، وإليه الإشارة بقوله (أَوْ بِبَلَدٍ مُعَيَّنٍ).

الثالث: ما يُقيد براوٍ مخصوص … إلى آخره.

وعلى كلٍّ فلا يُعتبر فيه المُخالفة لما رواه الغير بل المدار فيه على التفرد؛ بأن يروي ما لم يروه غيره سواءٌ خالفَ غيره؛ -أي: في الحكم- أو لا، بخلاف الشاذ فيعتبر فيه مع التَّفرد المخالفة، ثم الظاهر تقسيمه -كالغريب والشاذ- إلى مُفرد في السند وإلى مفرد في المتن.

مثاله في السند: ما رواه التِّرمذي والنَّسائي من طريق ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عَوْسَجَة، عن ابن عباس: «أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ على عَهْدِ رسول اللهِ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا إِلَّاْ مَوْلًى هُوَ أَعْتَقَهُ»، فإنَّ حمَّاد بن زيد رواه عن عمرو، عن عوسجة، ولم يذكر ابن عباس، لكن تابع ابن عيينة على وَصْلِهِ [ابن] (١) جُرَيج وغيره.

ومثاله في المتن زيادة يوم عرفة في حديث: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» فإنَّه من جميع طرقه بدونها، وإنَّما جاء بها موسى بن عُلي -بالتصغير- بن رباح، عن أبيه، عن عُقبة بن عامر، وصحَّحَهُ ابن حبَّان والحاكم وقال: على شرط مسلم.

قوله: (عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ)؛ أي: من رُواة هذا الحديث، وحُكْمُ هذا القسم على ما ذكره ابن الصلاح أنَّ الرَّاوي المنفرد المذكور إذا لم يخالف غيره وكان ذا ضبطٍ تامٍّ ففردهُ صحيحٌ مقبولٌ، كحديثِ النَّهي عن بيع الولاء وهِبَتِهِ؛ فإنَّه لم يصحَّ إلَّا من رواية عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وإذا كان قريبًا من الضبط التام ففردُهُ حسنٌ مقبولٌ، كحديث إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة قالت: «كَانَ رَسُوْلُ الله إِذَا خَرَجَ من الْخَلَاءِ قَالَ: غُفْرَانَكَ» فقدْ قال فيه الترمذي: (حسن غريب لا نعرفه إلَّا من حديث إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة)، وإذا كان بعيدًا عن الضبط فشاذٌّ مردودٌ كحديث أبي


(١) زيادة لا بدَّ منها. انتهى.

<<  <   >  >>