في المسائل التي فيها الخلاف بين الأئمَّة، فحينئذٍ ينبغي أن يُقال: جميع ما يورده فيه: إمَّا أن يكون ممَّا ترجم به، أو ممَّا تُرجِم له، فالمقصود في هذا التَّأليف بالذَّات هو الأحاديث الصَّحيحة، وهي التي تُرجِم لها، والمذكور بالعرض والتَّبع الآثار الموقوفة والآثار المعلَّقة، نعم، والآيات المكرَّمة، فجميع ذلك مترجمٌ به، إلَّا أنَّه إذا اعتُبِرت بعضها مع بعض، واعتُبِرت أيضًا بالنِّسبة إلى الحديث، يكون بعضها مع بعضٍ منها مفسِّرٌ ومفسَّرٌ (١)، ويكون بعضها كالمُترجَم له باعتبارٍ، ولكن المقصود بالذَّات هو الأصل، فقد ظهر أنَّ موضوعه إنَّما هو للمسندات، والمعلَّق ليس بمسندٍ؛ ولذا لم يتعرَّض الدَّارقطنيُّ فيما تتبَّعه على «الصَّحيحين» إلى الأحاديث المعلَّقات؛ لعلمه بأنَّها ليست من موضوع الكتاب، وإنَّما ذكرت استئناسًا واستشهادًا. انتهى. من «مقدِّمة فتح الباري» بحروفه، وبالله تعالى التَّوفيق والمستعان.
وأمَّا عدد أحاديث «الجامع»؛ فقال ابن الصَّلاح: سبعة آلافٍ ومئتان وخمسة وسبعون -بتأخير الموحَّدة عن السين فيهما- بالأحاديث المكرَّرة، وتبعه النَّوويُّ وذكرها مُفصَّلةً، وساقها ناقلًا لها من كتاب «جواب المتعنِّت» لأبي الفضل بن طاهرٍ، وتعقَّب ذلك الحافظ أبو
وَحَيْدٌ عن الصوابِ، قال: وقد اعتنى البخاري باعتبار هاتين الصيغتين فأعطاهما حكمهما في صحيحه؛ فيقول في الترجمة الواحدة بعض كلامه بتمريضٍ وبعضه بجزم مُراعيًا ما ذكرنا، وهذا مُشعر بتحرِّيهِ وورعه، وعلى هذا فيحمل قوله:(ما أدخلت في الجامع إلَّا ما صح)؛ أي: مما سُقت إسناده. انتهى كلامه.
قال: وقد تبيَّنَ ممَّا فصلنا به أقسام تعاليقه أنَّه لا يفتقرُ إلى هذا الحمل، وأن جميع ما فيه صحيحٌ باعتبار أنَّه كله مقبولٌ ليس فيه ما يردُّ مُطلقًا. انتهى.
قوله:(بِحُرُوْفِهِ)؛ أي: في الغالبِ.
قوله:(وَأَمَّا عَدَدُ أَحادِيْثِ الجامِعِ)؛ أي: الذي هو «صحيح البخاري»، والمراد من الأحاديث المُسندة، كما ذكره النووي.
قوله:(بِالأَحَادِيْثِ المُكَرَّرَةِ) وأما بدونها فأربعة آلاف، كما في «شرح التقريب».
وفيه قال العراقي: هذا مُسَلَّمٌ في رواية الفرَبْريِّ، وأما رواية حمَّاد بن شاكر فهي دونَ رواية الفرَبْريِّ بمئتي حديث، ورواية إبراهيم بن معقل دونها بثلاثمئة.