للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فردَّها على وجوهها، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- في ترجمته.

والمُركَّب: كإبدال نحو «سالمٍ» بـ «نافعٍ» -كما مرَّ -، أو الذي رُكِّب إسناده لمتنٍ آخر، ومتنه لإسناد متنٍ آخر.

والمنقلب: الذي ينقلب بعض لفظه على الرَّاوي فيتغيَّر معناه؛ كحديث البخاريِّ في باب: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾. عن صالح بن كيسان عن الأعرج عن أبي هريرة رفعه:

وهو ظاهر، فلو خصَّ مثل ذلك باسم القلب مطلقًا، وما بُدل فيه راو بآخر أو جُعل فيه سند متن لآخر والعكس باسم العكس لكان أروح للقلب، ولكن القوم أدرى باصطلاحهم ولا مشاحَّةَ.

قوله: (كَمَا سَيَأْتِي) حاصله أنَّه لما قَدِم بغداد وسمعَ به أصحاب الحديث اجتمعوا، وعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوها إلى عشرة أنفس، كل رجل عشرة، وأمروهم إذا حضروا المجلس يُلقون ذلك على البخاري، وحضر المجلس جماعة من أصحاب الحديث البغداديين والغُرباء من أهل خراسان وغيرهم، فلما اطمَأَنَّ المجلسُ بأهله انْتُدِبَ إليه رجلٌ من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، فما زال يُلقي عليه واحدًا واحدًا حتى فرغَ من عشرته والبُخَاري يقول: لا أعرفه، فكان بعض الفهماء ممَّن حضرَ المجلس يلتفتُ بعضهم لبعض، ويقول: فهم الرجل، ومَن كان منهم غير ذلك يحكم عليه بالعجز عن ردِّ الجواب لتقصيرهِ في العلم ثم انْتُدِبَ إليه الثاني، وهكذا واحدًا بعد واحد حتى فرغوا من المئة المقلوبة، والبُخاري لا يزيدهم على قوله: لا أعرفه، ثم التفت إلى الأول منهم وقال له: أما حديثك الأول فصوابُ سنده كذا … إلى آخره، وحديثه كذا (و) كذا، وأما حديثُكَ الثاني فهو كذا، والثالث كذا، على الولاء حتى أتم العشرة، فردَّ كلَّ متنٍ إلى سنده، وكلَّ سند إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك فردَّ متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها، فأقرَّ له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل.

قوله: (والمُرَكَّبُ … ) إلى آخره، الظاهر أنَّه لا وجهَ لإفراده باسم مخصوص إذ هو عينُ المقلوب في السند، ومع ذلك فلو جعلوه ما تركبَ من حديثين كما تقدَّم في أنواع التدليس لكان له نصيب ظاهرٌ من مسماه، وقليلًا ما ترى من ذَكره وأظنه لذلك.

قوله: (وَالمُنْقَلِبُ) يظهرُ على تمثيل الشارح أنَّه لا فرق بينه وبين المقلوب في المتن، وقَلَّ من ذكره أيضًا.

<<  <   >  >>