للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقصد امتحان حفظ المحدِّث، كقلب أهل بغداد على البخاريِّ رحمه الله تعالى مئة حديثٍ امتحانًا،

(قلت): جعلوا ذلك من قبيل القلب في السند، ولم يجعلوه من قبيل قلب المتن، مع أن فيه قلب سند لمتنٍ، ومتنٍ لسند، ولا يظهر له غير الاصطلاح وجه إلَّا أن يكون المقصود بالقلب هو الإسناد، لكنه يقتضي أنَّه لو كان الغرض المتن سُمي قلب متن؛ فَلْيُنْظَر.

والقسم الثالث: وهو القلب سهوًا في السند مثاله (١) ما رواه جرير بن حازم، عن ثابت البناني، عن أنس قال: قال رسول الله : «إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فلا تَقُومُوا حتى تَرَوْنِي» فهذا حديثٌ انقلبَ سندُهُ سهوًا على جرير بن حازم، وإنَّما هو مشهور بيحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قَتادة، عن أبيه، عن النَّبيِّ كما عند مسلم والنسائي، لكنَّ جريرًا لمَّا سمعه من أبي عثمان الصَّواف يُحدث به في مجلسِ ثابت البَنَّاني ظنَّه عن ثابت عن أنس فرواه كذلك.

وقد بَيَّنَ ذلكَ حمادُ بن زيد فيما رواه أبو داود في «المراسيل» عن أحمد بن صالح، عن يحيى بن حسان، عنه قال: كنت أنا وجرير عند ثابت فحدَّث أبو عثمان، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله ابن أبي قتادة، عن أبيه، فظنَّ جرير أنَّه إنَّما حدث به عن ثابت عن أنس.

والقسم الرابع: وهو القلب سهوًا في المتن ويُعرف بأنَّه إعطاء أحد الشيئين ما اشتهر للآخر، مثاله حديث أبي هريرة في السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم القيامة، ففيه: «رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تَعْلَم يمينه ما تنفق شماله»، فهذا مما انقلب على أحد الرواة سهوًا وإنَّما هو: «حَتَّىَ لَاْ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِيْنُهُ»، كما في الصحيحين.

قال البُلقيني: ويمكن أن يُسمى هذا بالمعكوس فيفردُ بنوع، ولم أَرَ من تعرضَّ لذلك. انتهى.

أقول: لينظر حينئذ وجه تسمية هذا بالمعكوس وذلك بالمقلوب، ولعله للفرق بين ما في السند وما في المتن على ما فيه.

ومثَّلَ شيخ الإسلام في «شرح النخبة» القلب في الإسناد بنحو كعب بن مرة ومرة بن كعب، قلت:


(١) «مثاله» زيادة توضيحية.

<<  <   >  >>