والغريب: ما انفرد راوٍ بروايته، أو برواية زيادةٍ فيه عمَّن
قوله:(وَالْغَرِيْب … ) إلى آخره، سُمِّيَ بذلكَ لانفراد راويهِ عن غيره، كالغريب الذي شأنه الانفراد عن وطنه.
قوله:(مَا انْفَرَدَ رَاوٍ بِرِوَايَتِهِ)؛ أي: بأنْ رواهُ هُوَ وحده كُلًّا أو بعضًا، كما سيذكره الشارح، وقد قَسَمَ ابن سيد الناس الغريب إلى خمسة أقسام: غريبٌ سندًا ومتنًا، وسندًا لا متنًا، ومتنًا لا سندًا، وغريب بعض السند، وغريب بعض المتن.
فالأول: كحديث النهي عن «بَيْعِ الْوَلَاْءِ وَهِبَتِهِ» فإنَّه لم يصحَّ إلَّا من حديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر.
الثاني: حديث رواه عبد المجيد [بن أبي] رواد، عن مالك ﵁، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن النَّبيِّ ﷺ قال:«الْأَعْمَالُ بِالْنِّيَّةَ»، قال في «الإرشاد»: فقد أخطأ فيه عبد المجيد؛ لأنَّه غير محفوظ عن زيد بن أسلم، قال أبو الفتح اليعمري: هو إسنادٌ غريبٌ كله والمتن صحيح، وفي مثل ذلك يقول الترمذي: غريب من هذا الوجه.
والثالث: وفيه قال ابن الصلاح: لا يوجد أبدًا ما هو غريب متنًا لا سندًا إلَّا إذا اشتهر الحديث الفردُ عمن انفرد به؛ -أي: شهرة مطلقةً- بأن رواه عنه عدد كثير فإنَّه يصير غريبًا مشهورًا؛ -أي: غريبًا متنًا لا سندًا- لكن بالنظر إلى أحد طرفي السند فإن سنده غريب في طرفه الأول، مشهور في طرفه الأخير، كحديث:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فإنَّ الشُّهرة إنَّما طرأت له من عند يحيى بن سعيد، فقول ابن الصلاح: لا يوجد؛ أي: خارجًا وإن اقتضته القسمة العقلية، كما مرَّ عن ابن سيد الناس.
الرابع: حديث: «أم زَرْعٍ» المشهور، فإنَّ المحفوظ فيه ما رواه ابن يونس، عن هشام بن عروة، عن أخيه عبد الله بن عروة، عن أبيهما عن عائشة، ورواه الطبراني من حديث الدراوردي، عن هشام، عن أبيه بدون توسط أخيه. قال أبو الفتح: فهذه غرابةٌ تخص موضعًا من السند، والحديث صحيح.
الخامس: كحديث زكاة الفطر، وهو:«فرض رسول الله ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ من رَمَضَانَ صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ، على الْعَبْدِ والْحُرِّ والذَكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ من الْمُسْلِمِينَ» حيثُ