للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُجمَع حديثُه، كالزُّهريِّ أحدِ الحفَّاظ في المتن أو السَّند، وينقسم إلى: غريبٍ صحيحٍ؛ كالأفراد المخرَّجة في «الصَّحيحين»، وإلى غريبٍ ضعيفٍ، وهو الغالب على الغرائب، وإلى غريبٍ حسنٍ، وفي «جامع التِّرمذيِّ» منه كثيرٌ.

والعزيز: ما انفرد بروايته اثنان أو ثلاثةٌ دون سائر رواة الحافظ المرويِّ عنه (١).

قيل فيه: إن مالكًا تفرَّدَ عن سائرِ رواته بقوله: «مِنَ الْمُسْلِمِينَ».

قوله: (عَمَّنْ يُجْمَعُ حَدِيْثُهُ)؛ أي: من الأئمة؛ -أي: شأنه ذلك؛ لجلالته كالزهري وقتادة ونحوهما- والجار والمجرور متعلق بقوله: (بِرِوَايَتِهِ أَوْ بِرِوَايَةِ زِيَادَةٍ) لا بقوله (انْفَرَدَ) كما تُوُهِّمَ؛ لاقتضائه أن الشرط الانفراد، وعَدَمُ موافقةِ أحدٍ من الأئمةِ المذكورينَ أعمُّ من أن يوافقه غيرهم أم لا، وذلك لا يصح؛ لأنَّه في صورة موافقة غيرهم لا يكون غريبًا كذلك.

ثم التقييد بكون الرواية عمَّن ذكر من الأئمة ليس بقيد إلَّا عند ابن منده وهو ضعيف، والجمهور لا يشترطون ذلك بل يدخل فيه ما انفرد به راوٍ مطلقًا ولو لم يكن عن إمام شأنه ذلك، كما في «شرح التقريب».

قوله: (فِي الْمَتْنِ أَوْ السَّنَدِ) متعلقٌ بـ (زيادةٍ)؛ أيْ: أو انفردَ برواية زيادة في متنه أو سنده أحد الحفاظ فلم يذكرها غيره كما عرفت.

قوله: (وَهُوَ الغَالِبُ … ) إلى آخره، ولذا قال الإمام أحمد: لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرايب؛ فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء.

قال مالك: شرُّ العلم الغريب، وخيرُ العلم الظاهر الذي رواه الناس.

ورُوي عن الزهري قال: حَدَّثتُ علي بن الحسين بحديثٍ فلما فرغتُ قال: أحسنت بارك الله فيك هكذا حُدِّثنا، قلت: ما أراني إلَّا حدثتك بحديث أنت أعلمُ به مني، قال: لا تقلْ ذلك فليس من العلم ما لا يُعرف، إنَّما العلم ما عُرف وتواطأت عليه الألسن.

وعن أبي يوسف: من طلب الدين بالكلام تزندق، ومَن طلب غريب الحديث كذب، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس.

قوله: (وَالعَزِيْزُ … ) إلى آخره، سُمِّيَ بذلكَ لقلةِ وجوده، من عزَّ يعِزُّ بكسر عين المضارع، أو لكونه قوي بمجيئه من طريق آخر، من عَزَّ يَعَزُّ بفتحها، ومنه قوله تعالى: ﴿فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ [يس: ١٤].

قوله: (اثْنَان أَوْ ثَلَاْثَة)؛ أي: من طبقةٍ واحدةٍ من طبقاته، وخرج بالتقييد بالاثنين الغريب،


(١) في (د): «سائر الحفَّاظ المرويِّ عنهم».

<<  <   >  >>